كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

كَالْقَاضِي وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ رِزْقًا بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ مَنْ يَنُوبُ عَنْ الْقَاضِي فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ قَسَّامُ الْقَاضِي إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِيَقْسِمَ كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَهُوَ جَائِزٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ رَجُلًا لِيَقْتَصَّ لَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَكَذَا الْإِمَامُ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَقْتُلَ مُرْتَدًّا أَوْ أُسَارَى أَوْ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَقَطْعِ الْيَدِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الذَّكَاةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا قَطْعُ الْأَوْدَاجِ دُونَ إفَاتَةِ الرُّوحِ وَذَلِكَ يُقْدَرُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

أَمِيرُ الْعَسْكَرِ إذَا قَالَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ قَتَلْت ذَلِكَ الْفَارِسَ فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ لَهُ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَالطَّاعَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ قَالَ ذَلِكَ لِلذِّمِّيِّ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ كَانُوا قَتْلَى فَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَطَعَ رُءُوسَهُمْ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جَازَ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَيْسَ بِجِهَادٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَكَذَا فِي الصُّغْرَى.

ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قُتِلَ رَئِيسُ الْقَوْمِ فَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى يُنْصَبَ فَيَعْلَمُوا أَنَّ رَئِيسَهُمْ قَدْ قُتِلَ فَيَتَفَرَّقُونَ فَلَهُ كَذَا فَذَهَبَ رَجُلٌ وَجَاءَ بِرَأْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ تَنَحَّوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْمَجِيءِ بِرَأْسِ الرَّئِيسِ إلَى الْقِتَالِ وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ عَيَّنَ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَقَالَ إنْ جِئْتَنِي بِرَأْسِهِ أَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِجَمَاعَةٍ بِأَعْيَانِهِمْ أَيُّكُمْ جَاءَنِي بِرَأْسِهِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسِهِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا كَانَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ أَقَامُوا عَلَى مَطْمُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا رِجَالٌ يُقَاتِلُونَ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْأَمْوَالُ وَقَالَ الْأَمِيرُ مَنْ حَفِظَ هَذِهِ الْمَطْمُورَةَ اللَّيْلَةَ حَتَّى يُصْبِحَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَفِظَهَا كَذَا وَحَفِظَهَا قَوْمٌ حَتَّى أَصْبَحُوا فَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا سَمَّى لَهُ الْإِمَامُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْحِصْنِ: الْإِجَارَةُ لَا تَنْعَقِدُ حَيْثُ لَمْ يُخَاطِبْ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي حَيْثُ يَشْتَغِلُ الْحَافِظُ بِالْحِفْظِ وَيَرْضَى بِهِمْ الْإِمَامُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

مَنْ ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ وَاحِدٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ فَدَلَّهُ هُوَ بِالْكَلَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَشَى مَعَهُ حَتَّى أَرْشَدَهُ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ مَنْ دَلَّنِي عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِيَصِيدَ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَكَذَا الْبَازِي وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْكَلْبَ أَوْ الْبَازِيَ وَبَيَّنَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا يَجُوزُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ سِنَّوْرًا لِيَأْخُذَ الْفَأْرَةَ فِي بَيْتِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ كَلْبًا لِيَحْرُسَ دَارِهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قِرْدًا لِكَنْسِ الْبَيْتِ قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّةَ لِأَنَّ الْقِرْدَ يُضْرَبُ وَيَعْمَلُ بِالضَّرْبِ بِخِلَافِ السِّنَّوْرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا اسْتَأْجَرَ دِيكًا لِيَصِيحَ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ ثَمَّةَ أَصْلًا فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَضْرِبَهُ حَتَّى يَفْعَلَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ وَالْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عَسْبِ التَّيْسِ وَهُوَ أَنْ يُؤَاجِرَ فَحْلًا لِيَنْزُوَ عَلَى الْإِنَاثِ وَالْعَسْبُ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ عَلَى ضَرَبَ الْفَحْلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَبْسُطَهَا فِي دَارِهِ وَلَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا وَلَا يَنَامُ وَلَكِنْ لِيَتَجَمَّلَ بِهَا لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَتَّخِذَهَا جَنِيبَةً. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْبِطَهَا عَلَى بَابِهِ لِيَرَى النَّاسُ أَنَّ لَهُ فَرَسًا أَوْ آنِيَةٌ يَضَعُهَا فِي بَيْتِهِ لِيَتَجَمَّلَ بِهَا وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ دَارًا لَا يَسْكُنُهَا لَكِنْ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ لَهُ دَارًا أَوْ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ دَرَاهِمَ يَضَعُهَا فِي بَيْتِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ قَدْ يَكُونُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ تَيْسًا أَوْ كَبْشًا لِلدَّلَالَةِ لِيَسُوقَ بِهِ الْغَنَمَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَرْعَى غَنَمُهُ الْقَصِيلَ أَوْ شَاةً لِيَجُزَّ صُوفَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ

الصفحة 454