كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

الْإِجَارَةَ فَالْقَاضِي لَا يَنْقُضُهَا وَإِنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْمُرُ الْآجِرَ أَوْ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ الْبَائِعُ الدَّيْنَ بِالْبَيِّنَةِ فَالْقَاضِي يُمْضِي الْبَيْعَ وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ نَقْضَ الْإِجَارَةِ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْغَرِيمِ وَإِلَى أَنْ يُمْضِيَ الْقَاضِي الْبَيْعَ فَالْأُجْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ الْأَجْرُ لِلْآجِرِ وَيَكُونُ طَيِّبًا لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْآجِرَ بَاعَ الدَّارَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْقَاضِي ثُمَّ تَقَدَّمُوا إلَى الْقَاضِي فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الدَّارِ حَتَّى يَنْقُضَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَتَنْفِيذِهِ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْآجِرِ ظَاهِرًا مَعْلُومًا لِلْقَاضِي وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا، وَإِنَّمَا عُرِفَ بِإِقْرَارِ الْآجِرِ وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ فِي إقْرَارِهِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِيعَتْ الْأَرْضُ وَنُقِضَتْ الْإِجَارَةُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تُبَاعُ الْأَرْضُ وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا بَاعَهُ الْقَاضِي يَبْدَأُ بِدَيْنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَنِهَا فَمَا فَضُلَ فَلِلْغُرَمَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ لَمْ يُفْسَخْ وَبَعْدَ الْفَسْخِ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ مَا عَجَّلَ وَقِيلَ يَحِلُّ لَهُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ لِأَنَّ الْآجِرَ أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى مُطْلَقًا مَا لَمْ يَصِلْ الْأَجْرُ إلَيْهِ وَلَوْ هَلَكَ زَمَانُ الْحَبْسِ يَهْلِكُ أَمَانَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَلَوْ مَاتَ الْآجِرُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ أَرْضًا زَرَعَهَا لَمْ يُفْسَخْ لِعُذْرِ الدَّيْنِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ وَيَخْرُجَ الْآجِرُ مِنْ السِّجْنِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ مُسْتَأْجَرَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الشِّرَاءَ وَيَصْبِرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَوْ بَاعَهَا الْآجِرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَلَوْ بَاعَهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَوْ حَبَسَهَا فَإِنْ رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْآجِرِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ احْتَاجَ إلَى مَالِ الْإِجَارَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ أَوْ الْفَقْرِ أَوْ الْمَرَضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَر عَلَيْهِ فِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ إلَّا قَدْرَ مَا الْتَزَمَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ الْحَجْرُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْمَنْزِلَ الَّذِي آجَرَهُ لِرِبْحٍ ظَهَرَ لَهُ فِي بَيْعِ الْمَنْزِلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيَخْدِمَهُ سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَرَادَ الْآجِرُ أَنْ يَنْقُضَ عَقَدَهُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

خَيَّاطٌ اسْتَأْجَرَ غُلَامًا لِيَخِيطَ مَعَهُ فَأَفْلَسَ أَوْ مَرِضَ فَقَامَ عَنْ السُّوقِ فَهُوَ عُذْرٌ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمُضِيِّ وَانْتِقَالِهِ إلَى عَمَلٍ آخَرَ لَا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ حَانُوتِ عَمَلِهِ الْآخَرِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيُقَصِّرَ ثِيَابًا لَهُ أَوْ لِيَخِيطَ أَوْ لِيَقْطَعَ قَمِيصًا لَهُ أَوْ لِيَبْنِيَ بَيْتًا لَهُ أَوْ لِيَزْرَعَ أَرْضًا لَهُ بِبَذْرٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْبِئْرِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَغَلَبَ عَلَيْهَا الرَّمْلُ أَوْ صَارَتْ سَبْخَةً بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ وَأَصَابَهَا نَزٌّ لَا يُقْدَرُ عَلَى الزِّرَاعَةِ فَهَذَا عُذْرٌ وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ انْقَطَعَ مَاؤُهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ فَإِنْ سَقَاهَا فَهُوَ رِضًا هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ أَرْضًا أُخْرَى لَمْ يَكُنْ عُذْرًا وَفِي النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ فِي قَرْيَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ وَيَزْرَعَ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ سَفَرٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا لِأَنَّ مَا دُونَ السَّفَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَإِنْ مَرِضَ الْمُسْتَأْجِرُ وَعَجَزَ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ يَكُونُ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَمَرِضَ الْعَبْدُ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ لَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَفْسَخَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ فَهُوَ عُذْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ سَقَطَ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِهِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا فِي الْبَاقِي كَذَا

الصفحة 460