كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

أَوْ هُوَ مَخُوفٌ ضَمِنَ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ مُفِيدٌ، وَإِنْ حَمَّلَهُ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيهِ غَالِبٌ، وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْخِلَافِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْبِضَاعَةِ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ وَسَاقَهُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَخَلَّفَ فِي الطَّرِيقِ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ مَعَ غَيْرِهِ فَذَهَبَ الْحِمَارُ وَضَاعَ إنْ لَمْ يَغِبْ الْحِمَارُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ غَابَ ضَمِنَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَبَعَثَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ رَجُلًا مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَتَشَاغَلَ الْمَبْعُوثُ فِي الطَّرِيقِ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ وَذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ وَحْدَهُ بِالدَّابَّةِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّجُلِ الْمَبْعُوثِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ طَرِيقٍ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَجَحَدَ اسْتِئْجَارَهَا وَصَاحِبُهَا يَدَّعِي الْإِجَارَةَ فَلَوْ نَفَقَتْ مِنْ رُكُوبِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ نَفَقَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ ضَمِنَ وَلَوْ انْقَضَتْ الْمَسَافَةُ فَجَاءَ بِهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَتَلِفَتْ يَضْمَنُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا قَبْلَ جُحُودِهِ وَسَقَطَتْ عَنْهُ أُجْرَةُ مَا بَعْدَ جُحُودِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْجَمِيعِ. كَذَا فِي الْكُبْرَى.

قَالَ وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ عِنْدَ مُسْتَأْجِرِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا خِلَافٍ وَلَا جِنَايَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ طَعَامًا إلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهَا فِي الرُّجُوعِ قَفِيزَيْنِ مِنْ الْمِلْحِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ فَمَاتَتْ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِالْكِرَاءِ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ فِي يَدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ بَاعَ الْبَعِيرَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْحَاكِمِ فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَعِيرِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَطِيعَ إمْسَاكَهُ أَوْ يَسْتَطِيعَ رَدَّهُ أَعْمَى فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَسُئِلَ عَمَّنْ آجَرَ دَابَّةً مِنْ آخَرَ لِيَحْمِلَ شَيْئًا مَعْلُومًا إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ مَعَ الدَّابَّةِ لَكِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَذْهَبَ مَعَ الدَّابَّةِ ثُمَّ يَرْجِعَ بِهَا وَقَالَ لَهُ ارْجِعْ بِهَا إلَيَّ مَعَ الْعِيرِ فَوَصَلَ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ وَرَجَعَتْ الْعِيرُ وَتَخَلَّفَ هَذَا الْأَجِيرُ فَاسْتَعْمَلَ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَيَّامًا فِي عَمَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا مَعَ عِيرٍ أُخْرَى فَأُغِيرَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ هَلْ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ قَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَالَفَ حِينَ اسْتَعْمَلَهَا فَيَضْمَنُ وَالْأَجِيرُ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَ الْعِيرِ الْأُولَى لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ مَعَ الْعِيرِ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِيرُ فَوَجَبَ إجْرَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَدْ رَجَعَ مَعَ الْعِيرِ فَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ وَكَانَ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ وَفِي الذَّهَابِ إلَى مَوْضِعِ الْحِنْطَةِ ثَانِيًا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةَ فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ الرُّكُوبَ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

اسْتَأْجَرَ حِمَارًا يَحْمِلُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ وِقْرًا مِنْ التُّرَابِ إلَى أَرْضِهِ بِدِرْهَمٍ وَلَهُ فِي أَرْضِهِ لَبِنٌ وَكُلَّمَا عَادَ حَمَلَ عَلَيْهِ وِقْرًا مِنْ لَبِنٍ فَإِنْ هَلَكَ فِي الْعَوْدِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَا أَجْرَ، وَإِنْ سَلِمَ حَتَّى تَمَّ الْعَمَلُ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ كَذَا حِمْلًا فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّى وَحَمَلَ الْحُمُولَةَ إلَى مَكَانِهَا وَجَاءَ بِالْحِمَارِ سَلِيمًا فَضَاعَ قَبْلَ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ نُظِرَ إلَى مَا زَادَ فَيَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْحِمَارِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.

وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ السِّرْقِينَ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَالْحِمَارُ ضَعِيفٌ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى الْحَمْلِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ يَقْوَى وَاحْمِلْ عَلَيْهِ حِمْلَ مِثْلِهِ فَبَعَثَ فَأَصَابَتْ رِجْلَهُ آفَةٌ قَالَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.

وَفِي الْمُنْتَقَى اسْتَأْجَرَ غُلَامًا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ فِي الْخِيَاطَةِ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي اللَّبِنِ لِيُلَبِّنَهُ بِعَشَرَةٍ فَعَطِبَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْطَبْ فِي ذَلِكَ حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْخَيَّاطِ فَعَطِبَ فِيهَا فَلَا ضَمَانَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَ

الصفحة 494