كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

هَلَكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ جُلُودَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهَا وَهَلَكَ أَوْ أَتْلَفَهَا فَلَا أَجْرَ وَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَحْمِلَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى فُلَانٍ فَأَنْفَقَهَا فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ ثُمَّ دَفَعَ مِثْلَهَا إلَى فُلَانٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالَيْنِ فَحَمَلَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ إنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ يَجِبُ الْأَجْرُ كَامِلًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فَلَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ فِي حَمْلِ النِّصْفِ مُتَبَرِّعٌ وَلَوْ حَمَلَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحِمْلِ أَمْسِكْهُ فَأَمْسَكَ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ وَيَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ حَبَسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْأَجْرِ حِينَ طُلِبَ مِنْهُ ضَمِنَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْأَجْرِ مَا لَمْ يَضَعْ عَنْ رَأْسِهِ وَلَوْ حَمَلَ إلَى دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَدْخَلَهُ فَعَثَرَ فَسَقَطَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَنْ رَأْسِهِ فَسَقَطَ ضَمِنَ وَلَوْ كَسَرَهُ إنْسَانٌ آخَرُ لَمْ يَضْمَنْ هُوَ وَيَجِبُ لَهُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَمَّالُ إذَا نَزَلَ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَتَّى فَسَدَ الْمَتَاعُ بِسَرِقَةٍ أَوْ مَطَرٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَتَأْوِيلُهُ إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ أَوْ الْمَطَرُ غَالِبًا. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ حَقِيبَةً إلَى مَكَانٍ فَانْشَقَّتْ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ضَمِنَ كَحَمَّالٍ انْقَطَعَ حَبْلُهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ نَأْخُذُ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.

فِي الْمُنْتَقَى الْحَمَّالُ إذَا كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى عُنُقِهِ فَعَثَرَ وَأَهْرَقَ وَصَاحِبُهَا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ حَتَّى انْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَحَمَ النَّاسَ حَتَّى انْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَقْتَ الْكَسْرِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِإِزَاءِ مَا حَمَلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَّلَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

الْمُكَارِي كَانَ يَنْقُلُ الدِّبْسَ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَنَزَلَ فِي الطَّرِيقِ وَنَامَ وَخَرَقَ الْكَلْبُ الزِّقَّ فَضَاعَ الدِّبْسُ لَا يَضْمَنُ إنْ نَامَ جَالِسًا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَتُرْكُمَانًا لِيَحْمِلَ لَهُ هَذَا الدِّبْسَ مِنْ مَرْوَ إلَى بَلْخٍ فَلَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الطَّرِيقِ كَانَ هُنَاكَ قَنْطَرَةٌ وَفِيهَا حَجَرٌ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُمِرَّ بِهِ الْبَعِيرَ سَقَطَتْ رِجْلُهُ فِيهِ وَتَلِفَ الدِّبْسُ وَتِلْكَ الْقَنْطَرَةُ مِمَّا تُسْلَكُ مَعَ هَذَا الْحَجَرِ هَلْ يَضْمَنُ التُّرْكُمَانُ أَمْ لَا فَقَالَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى التُّرْكُمَانِ الَّذِي كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ وَسُئِلَ عَنْهَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ فَأَجَابَ بِهِ كَذَلِكَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِنْ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ فَسَقَطَ الْمَتَاعُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ عَثَرَتْ بِسَوْقِ رَبِّ الْمَتَاعِ أَوْ بِقَوْدِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكَارِي وَكَذَا إذَا كَانَ بِسَوْقِهِمَا وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَتَاعُهُ عَلَى دَوَابَّ أُخَرَ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ الْمُكَارِي وَهَذَا التَّقْسِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ رَاكِبٌ عَلَى الدَّابَّةِ فَعَثَرَتْ وَسَقَطَتْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا لَكِنْ يَمْشِي مَعَهُ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَلَوْ أَصَابَهُ الشَّمْسُ أَوْ الْمَطَرُ فَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ سُرِقَ مِنْ ظَهْرِهَا وَلَوْ عَلَيْهَا عَبْدٌ فَسَاقَ رَبُّ الدَّابَّةِ فَعَثَرَتْ فَهَلَكَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ كَالثَّوْبِ وَالْبَهِيمَةِ إذَا هَلَكَ بِسَوْقِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا فَرْقَ فَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ بِالْعَقْدِ كَالْحُرِّ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ مَمْلُوكٌ صَغِيرٌ لِرَبِّ الْمَتَاعِ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِيُحَمِّلَهَا فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَوَقَعَا فَمَاتَ الْمَمْلُوكُ وَفَسَدَ الْحِمْلُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَمْلُوكَ وَيَضْمَنُ الْحِمْلَ، وَإِنْ كَانَ الْهَلَاكُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ ثُمَّ إنَّمَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بِحَيْثُ لَا يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَصْلُحُ لِحِفْظِ الْمَتَاعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَضْمَنُ الْمَتَاعَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لِيَحْمِلَ عَصِيرًا عَلَى دَابَّتِهِ إلَى مَوْضِعٍ فَحَمَلَهُ فَحِينَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ أَخَذَ أَحَدَ الْعِدْلَيْنِ وَرَمَى بِالْعِدْلِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الزِّقُّ مِنْ رَمْيِهِ قَالَ ضَمِنَ نُقْصَانَ الزِّقِّ وَالْعَصِيرِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا دَفَعَ حِمْلًا إلَى حَمَّالٍ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ لَيْلًا وَصَاحِبُ الْحِمْلِ مَعَهُ يَسِيرَانِ فَضَاعَتْ الدَّابَّةُ مَعَ الْحِمْلِ إنْ كَانَ الْمُكَارِي يُضَيِّعُ الدَّابَّةَ بِتَرْكِ الْحِفْظِ ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعِهِ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إنْ كَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ يَسِيرُ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنَّ

الصفحة 502