كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

وَهَلْ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ إنْ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ ثَوْبِهِ يَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ ثَوْبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْقَصَّارُ وَنَحْوُهُ دَفَعْت الثَّوْبَ إلَيْك يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ

وَلَوْ حَبَسَ الْقَصَّارُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ فَهَلَكَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأَجْرَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ قَبَضَ فَهَلَكَ أَمَانَةً بِالْإِجْمَاعِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْقَصَّارِ الْحَبْسُ فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ ضَمِنَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

رَجُلٌ بَعَثَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ بِيَدِ تِلْمِيذِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْقَصَّارِ إذَا أَصْلَحْته فَلَا تَدْفَعْهُ إلَى تِلْمِيذِي فَلَمَّا أَصْلَحَهُ دَفَعَهُ إلَى تِلْمِيذِهِ فَذَهَبَ التِّلْمِيذُ بِالثَّوْبِ هَلْ يَضْمَنُ الْقَصَّارُ فَقَالَ إنْ كَانَ التِّلْمِيذُ حِينَ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى الْقَصَّارِ لَمْ يَقُلْ هَذَا ثَوْبُ فُلَانٍ بُعِثَ بِهِ إلَيْك لَا يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لِلْقَصَّارِ فَإِنْ صَدَّقَ الْقَصَّارُ التِّلْمِيذَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي إجَارَاتِ فَتَاوَاهُ رَجُلٌ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ فَجَاءَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَطْلُبُ الثَّوْبَ فَقَالَ لَهُ الْقَصَّارُ دَفَعْت ثَوْبَك إلَى رَجُلٍ ظَنَنْت أَنَّهُ ثَوْبُهُ كَانَ الْقَصَّارُ ضَامِنًا. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا صُورَتُهَا قَوْمٌ مِنْ السُّرَّاقِ أَتَوْا بَابَ قَصَّارٍ بِاللَّيْلِ وَطَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ الْقَصَّارِ مَاءً لِلشُّرْبِ وَقَالَ أَنَا رَجُلٌ رُسْتَاقِيٌّ مُحْتَاجٌ إلَى الْمَاءِ حَاجَةً شَدِيدَةً وَبَاقِي السُّرَّاقِ قَدْ اخْتَفَوْا فَفَتَحَ الْقَصَّارُ الْبَابَ وَأَخْرَجَ الْمَاءَ فَجَلَسَ طَالِبُ الْمَاءِ عَلَى الْعَتَبَةِ وَاشْتَغَلَ بِالشَّرَابِ فَحَضَرَ الْبَاقُونَ وَدَخَلُوا الْحَانُوتَ وَأَخَذُوا الْقَصَّارَ وَمَنْ مَعَهُ وَشَدُّوهُمْ وَذَهَبُوا بِكَرَابِيسِ النَّاسِ فَاتَّفَقَتْ أَجْوِبَةُ الْفَتَاوَى أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ سَرَقًا غَالِبًا وَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ وَقَاسُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةٍ ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لَوْ احْتَرَقَ حَانُوتُ الْقَصَّارِ مِنْ نَارٍ وَقَعَتْ مِنْ السِّرَاجِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ حَرْقًا غَالِبًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ إطْفَاءُ ذَلِكَ لَوْ عَلِمَ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْحَرْقُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ لَوْ عُلِمَ فِي الِابْتِدَاءِ فَالسَّرَقُ الْغَالِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ اسْتِدْرَاكُهُ لَوْ وَقَعَ الْعِلْمُ فِي الِابْتِدَاءِ وَهُنَاكَ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِهِ لَا يَفْتَحُ الْبَابَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْقَصَّارِ الْعَمَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَخَرَّقُ صَحَّ شَرْطُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْدُورٌ لَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْقَصَّارُ إذَا لَبِسَ ثَوْبَ الْقَصَارَةِ ثُمَّ نَزَعَهُ فَضَاعَ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ الْإِسْكَافُ إذَا أَخَذَ خُفًّا لِيُنَعِّلَهُ فَلَبِسَهُ ضَمِنَ مَا دَامَ لَابِسًا فَإِذَا نَزَعَ ثُمَّ ضَاعَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ وَدَفَعَ ثِيَابَهُ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ ضَمِنَ الَحَمَّامِيُّ إجْمَاعًا وَكَانَ يَقُولُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا شُرِطَ يَضْمَنُ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُسَوِّي بَيْنَ شَرْطِ الضَّمَانِ وَعَدَمِ الشَّرْطِ وَكَانَ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَدَفَعَ الثَّوْبَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ لِيَحْفَظَهُ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ مُودَعٌ لِأَنَّ كُلَّ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ الِانْتِفَاعِ بِالْحَمَّامِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَجْرَ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ وَلَوْ قَالَ الْأَجْرُ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فَإِنْ دَفَعَ إلَى مَنْ يَحْفَظُ بِأَجْرٍ كَالثِّيَابِيِّ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ كَذَا فِي الصُّغْرَى.

دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَالَ لِلْحَمَّامِيِّ أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ فَأَشَارَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ إلَى مَوْضِعٍ فَوَضَعَ ثَمَّةَ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُ وَأَخَذَ الثِّيَابَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَظَنَّهُ صَاحِبَ الثِّيَابِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَأَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْأَوَّل أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

نَامَ الثِّيَابِيُّ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ إنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

الثِّيَابِيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَمَّامِ فَضَاعَ ثَوْبٌ إنْ تَرَكَهُ ضَائِعًا ضَمِنَ وَإِنْ أَمَرَ الْحَلَّاقَ أَوْ الْحَمَّامِيَّ أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَنْ يَحْفَظَ لَا يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

لَوْ نَزَعَ الثِّيَابَ بَيْنَ يَدَيْ الْحَمَّامِيِّ وَلَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا وَتَرَكَ عِنْدَهُ وَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَلَمْ يَجِدْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِيِّ ثِيَابِيٌّ يَضْمَنُ الَحَمَّامِيُّ مَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ لِأَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ اسْتِحْفَاظٌ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ

الصفحة 507