كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِصَاحِبِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

سُئِلَ عَمَّنْ خَلَطَ أَغْنَامَهُ فِي قَطِيعِ رَجُلٍ وَأَتَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَزَعَمَ صَاحِبُ الْأَغْنَامِ أَنَّهُ يَحْفَظُ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالَ إنْ كَانَ الْحَافِظُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ يَحْفَظُ بِأَجْرٍ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى صَاحِبِ الْأَغْنَامِ أَجْرُ حِفْظِهِ. كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

لَوْ خَافَ الرَّاعِي الْمَوْتَ عَلَى الشَّاةِ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ كَذَا اسْتَحْسَنَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ مَوْتُهَا أَمَّا إذَا كَانَ يُرْجَى حَيَاتُهَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرِكَةِ وَاقِعَاتِهِ أَنَّ مَنْ ذَبَحَ شَاةَ إنْسَانٍ لَا تُرْجَى حَيَاتُهَا يَضْمَنُ وَالرَّاعِي لَا يَضْمَنُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالرَّاعِي وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ سَوَّى فَقَالَ لَا يَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا لَا يَضْمَنُ الرَّاعِي وَالْبَقَّارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَوْ رَأَى رَجُلٌ شَاةَ إنْسَانٍ سَقَطَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاعِي وَصَاحِبُ الْغَنَمِ فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ ذَبَحْتهَا وَهِيَ حَيَّةٌ وَقَالَ الرَّاعِي لَا ذَبَحْتهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاعِي. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ اذْبَحْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَقَالَ الرَّاعِي لَيْسَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ أَعْلَمُ يَقِينًا فَذَبَحَهَا فَإِذَا فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ ضَمِنَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

إذَا مَرِضَتْ بَقَرَةٌ فَخَافَ الْبَقَّارُ عَلَيْهَا الْمَوْتَ فَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يَذْبَحْهَا حَتَّى مَاتَتْ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَوْ أَرَادَ رَبُّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَنَمِ مَا يُطِيقُ الرَّاعِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْغَنَمِ بَاعَ نِصْفَ غَنَمِهِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ الرَّاعِي شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا يَرْعَى لَهُ هَذِهِ الْغَنَمَ بِأَعْيَانِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَكِنْ لَا يُكَلِّفُهُ عَمَلًا آخَرَ ثُمَّ قَالَ لَوْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا وَبَيَّنَ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ شَهْرًا وَلَكِنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ غَنَمًا مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا شَاةً، وَإِنْ بَاعَ طَائِفَةً مِنْهَا فَإِنَّهُ يُنْقِصُهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ دَفَعَ الْغَنَمَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلِّدَهَا وَيَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالْغَنَمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَنْزُوَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا عَطِبَ مِنْهَا وَلَوْ أَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْفَحْلَ الَّذِي فِي الْغَنَمِ نَزَا عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ نَدَّتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَتَرَكَ اتِّبَاعَهَا حَتَّى لَا يُضَيِّعَ الْبَاقِيَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ حِفْظَ مَا نَدَّتْ وَالْأَمِينُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ بِمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ يَتَّبِعُهَا لِيَرُدَّهَا أَوْ يَبْعَثُهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِذَلِكَ وَلَوْ تَكَارَى مَنْ يَجِيءُ بِالْوَاحِدِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ عَلَيْهِ فِرَقًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِهَا كُلِّهَا وَأَقْبَلَ عَلَى فِرْقَةٍ مِنْهَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَ الْبَعْضِ بِعُذْرٍ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَجِيءُ بِالنَّارِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

اسْتَأْجَرَ رَاعِيًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الرَّعْيِ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَرَعَاهَا فِي مَوْضِعٍ فَهَلَكَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِغَرَقٍ أَوْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ صَاحِبُهَا شَرَطْتُ لَكَ أَنْ تَرْعَى غَنَمِي فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ الرَّاعِي بَلْ شَرَطْتَ هُنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاعِي، وَإِنْ كَانَ أَجِيرَ وَحْدٍ وَاخْتَلَفَا كَمَا قُلْنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَقَامَ الرَّاعِي الْبَيِّنَةَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

وَإِذَا خَالَفَ الرَّاعِي فَرَعَاهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَهُ فَعَطِبَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ سَلِمَتْ الْغَنَمُ الْقِيَاسُ أَنْ لَا أَجْرَ لَهُ وَفِي

الصفحة 509