كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

الثابت عن الله وعن رسوله - أما اعتقاد أنه من الدين وأن الدين لم يكمل بعج , فهذا هو عين الكفر والضلالة , وقائله ليس من المؤمنين والمسلمين بالإتفاق , فلا بد من أحد الأمرين , إما هذا أو ذلك , ولا يمكن الجمع بينهما {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). و {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (¬2).
ومن هذا المنظور والرؤية نرى التصوف , وننظر في الصوفية , ونبحث في وقواعده وأصوله ونحقق أسسه ومبادئه , ومناهجه ومشاربه , هل لها أصل في القرآن والسنة , أو سند في خيار خلق الله أصحاب رسول الله الذين هم أولياء الله الحقيقيون الأولون من أمة محمد , الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.

{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (¬3)
و {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ 20 يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ 21 خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ 22} (¬4)

و {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬5).
فإن كان كذلك فعلى المؤمنين كافة الإقرار والتسليم , والتمسك والإلتزام , وليس لهم الخيار في الترك أو القبول , {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (¬6).
وأيضا {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (¬7).
¬_________
(¬1) الأنفال 42
(¬2) التغابن 2
(¬3) الأنفال 74
(¬4) التوبة 20, 21 , 22
(¬5) الأعراف 157
(¬6) الأحزاب 36
(¬7) النساء 65

الصفحة 16