كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

روى الكشي عن حسين بن معاذ بن مسلم النحوي: (عن أبي عبد الله (ع) قال:
(قال لي (أبو عبد الله): بلغني أنك تقعد في الجامع , فتفتي الناس؟ قال: قلت: نعم , وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج أني أقعد في الجامع , فيجيء الرجل , فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف أخبرته بما يقولون ... قال (أي معاذ بن مسلم) فقال لي (أبو عبد الله): اصنع كذا , فإني اصنع كذا) (¬1) ز

ورواية أخرى رواها الكليني عن جعفر أنه قال لأصحابه معلى بن خنيس: (يا معلى , أكتم لأمرنا ولا تذعه , فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا , وجعله نورا بين عينيه في الآخرة , يقوده في الجنة.
يا معلىّ , من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا , ونزع النور من بين عينيه في الآخرة , وجعله ظلمة تقوده إلى النار.
يا معلى , إن التقية من ديني ودين آبائي , ولا دين لمن لا تقية له) (¬2).

وعلى ذلك قال صدوقهم ابن بابويه القمي:

(اعتقادنا في التقية أنها واجبة , لا يجوز رفعها إلى أن يقوم القائم , ومن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الإمامية , وخالف الله ورسوله والأئمة) (¬3).

وقال مفيدهم:
(التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه , ومكاتمة المخالفين , وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا , وفرض ذلك إذن علم بالضرورة أو قوي في الظن) (¬4).

فهذا هو معتقد الشيعة ومبدؤهم الذي اشتهروا به , وعيّروا عليه , وطعنوا فيه.

ولكن المتصوفة أخذوه بكامله عنهم , وزادوا عليهم حيث اتهموا رسول الله بتهمة برّأ الله ساحته عنها بقوله: {وما هو على الغيب بضنين} (¬5).
¬_________
(¬1) رجال الكشي ص 218 تحت ترجمة معاذ بن مسلم ط مؤسسة الأ'لمي كربلاء العراق.
(¬2) الأصول من الكافي للكليني ج2 ص 223 , 224 ط إيران.
(¬3) الاعتقادات لابن بابويه القمي ص 44.
(¬4) شرح اعتقادات الصدوق فضل التقية ص 241.
(¬5) التكوير الآية 24.

الصفحة 237