كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

ناموس الواحدية بالاتصاف بسائر الأسماء والصفات , فالطهر عبارة عن الطهارة من النقائص الكونية ... وقراءة الفاتحة إشارة إلى وجود كماله في الإنسان لأن الإنسان هو فاتحة الوجود ....

وأما الزكاة فعبارة عن التزكي بإيثار الحق على الخلق ... وأما كونه واحدا في كل أربعين في العين فلأن الوجود له أربعون مرتبة , والمطلوب المرتبة الإلهية , فهي المرتبة العليا , وهي واحدة من أربعين ...

وأما الصوم فإشارة إلى الامتناع عن استعمال المقتضيات البشرية ليتصف بصفات الصمدية , فعلى قدر ما يمتنع: أي يصوم عن مقتضيات البشرية تظهر آثار الحق فيه ...

وأما الحج فإشارة إلى استمرار القصد في طلب الله تعالى , والإحرام إشارة إلى ترك شهود المخلوقات ... ثم ترك حلق الرأس إشارة إلى ترك الرياسة البشرية ... ثم مكة عبارة عن المرتبة الإلهية , ثم الكعبة عبارة عن الذات , ثم الحجر الأسود عبارة عن اللطيفة الإنسانية .... ) (¬1) ز

وبمثل ذلك ذكر الكلاباذي عن بعض مشائخه أنه قال:
(معنى الصلاة: التجريد عن العلائق , والتفريد بالحقائق , والعلائق ما سوى الله , والحقائق ما لله ومن الله.
وقال آخر: الصلاة وصل.
قال: سمعت فارسا يقول: معنى الصوم: الغيبة عن رؤية الخلق برؤية الحق عز وجل) (¬2).

والسهروردي المقتول يفسر قول الله عز وجل:
({يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية}: أي ليست عقلية محضة , ولا غربية: أي ليست هيولانية محضة , وهي بعينها شجرة موسى التي سمع منها النداء , في البقعة المباركة من الشجرة , وقوله: ولو لم تمسسه نار: هذه النار هو الأب المقدس
¬_________
(¬1) المصدر السابق ج2 ص 134 وما بعد ملخصا.
(¬2) التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي ص 120.

الصفحة 254