كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

القصوى , وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هي غير مركبة , على سنة الأحباب في ستر الحال , وإخفاء الأمر الأجنبي من القصة - قال شاعرهم:

قلت لها قفي لنا قالت قاف ... لا تحسبي أنا نسينا لا يخاف

ولم يقل وقفت ستراً على الرقيب ولم يقل لا أقف مراعاة لقلب الحبيب بل (قالت قاف)) (¬1).

ويكتب الجيلي تحت قول الله عز وجل: {آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين , الذين يؤمنون بالغيب}:

(أشار بذلك إلى حقيقة ألف لام ميم , وذلك من طريق الإجمال إشارة إلى الذات والأسماء والصفات (ذلك الكتاب) والكتاب الإنسان الكامل (فألف لام ميم بما أشار إليه هو حقيقة الإنسان (لا ريب فيه هدى للمتقين) الذين هم وقاية عن الحق , والحق وقاية عنهم , فإن دعوت الحق فقد كنيت به عنهم , وإن دعوتهم فقد كنيت بهم عنه (الذين يؤمنون بالغيب) الغيب هو الله لأنه غيبهم آمنوا به أنه هويتهم وأنهم عينه (ويقيمون الصلاة) يعني يقيمون بناموس المرتبة الإلهية في وجودهم بالاتصاف بحقيقة الأسماء والصفات (ومما رزقناهم ينفقون) يعني يتصرفون في الوجود من ثمرة ما أنتجته هذه الأحدية الإلهية في ذواتهم) (¬2).

ونقل عبد الحليم محمود عن أبي الحسن الشاذلي تفسير قول الله عز وجل على لسان موسى عليه السلام:
((هي عصاي) معرفتي بك , أعتمد عليها.
(أهش بها على غنمي) أولادي في التربية.
(ولي فيها مآرب أخرى) من باب لي وقت مع ربّي لا تسعني فيه أرض ولا سماء) (¬3).

وفسر ابن عجيبة الآية القرآنية:
((رب أدخلني) في الأشياء حقوقا كانت أو حظوظا (مدخل صدق) أي
¬_________
(¬1) لطائف الإشارات للقشيري ج1 ص 53 , 54 بتحقيق دكتور إبراهيم بسيوني الطبعة الثانية الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981.
(¬2) الإنسان الكامل للجيلي عبد الكريم ج2 ص 138 , 139.
(¬3) المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي لعبد الحليم محمود ص 403. ط القاهرة.

الصفحة 257