كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

بلغ إلى قوله عز وجل: (إنما الحياة الدنيا لهو ولعب) طرأ عليه الوجد , وبدأ يرقص ويقول: ما دام أن الحياة لهو ولعب فلماذا لا نلهو ونلعب؟

فأخذ كتبه ورماها في البئر , وحلق لحيته وشواربه , وأخذ كأس الخمر , وبدأ يرقص في الشوراع والأسواق , كما بدا يرتاد بيوت المومسات , ويقضي أوقاته فيها , إلى أن وقع نظره على أمرد هندوكي جميل , فوله به وكلف , وعشقه , وما زال يطوف حول بيته ست عشرة سنة حتى أوقعه في حباله وفخه , وجعل إسمه جزء من اسمه , فصار مادهو لعل الحسين , بعد أن كان حسينا فقط , وبعد وفاته صار مزاره مهبط الأنوار , ومحط البركات , مثل ما كان هو في حياته (¬1).

هذا من جانب , ومن جانب آخر يذكر الشعراني صوفيا آخر صاحب كشف , فيقول:
(سيدي شريف رضي الله عنه ورحمه كان يأكل في نهار رمضان , ويقول أنا معتوق , أعتقني ربي) (¬2).

ومثل هذا يذكرون عن أبي يزيد البسطامي أنه (أخرج من كمّه رغيفا , وأخذ في أكله في المدينة , وكان هذا في شهر رمضان) (¬3).

وينقلون عن الشبلي أنه كان يقول:
(يا ويلاه , إن صليت جحت , وإن لم أصلّ كفرت) (¬4).

والقصص والحكايات مثل هذه كثيرة جدا لا تعدّ ولا تحصى , تدل على رفع التكاليف وإسقاط الشريعة , وقد نورد بعضا منها في محله في الجزء الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.

وهناك عقائد وآراء وأفكار أخرى عديدة , فيها تشابه كامل وتوافق تام مع الشيعة , تدل على أنها مأخوذة مقتبسة منهم , ولكننا نكتفي بهذا القدر منها , لجلاء الموضوع ووضوح المبحث , بعد ما أثبتناها من كتب الفريقين , المعتمدة الموثوقة , وبسرد ألفاظهم وعباراتهم , ومع تأييد الشيعة , وتوثيق السنة , وشهادة الآخرين من اليهود والنصارى من المستشرقين.
¬_________
(¬1) انظر تذكرة أولياء الباكستان والهند للكتور ظهور الحسن شارب ج2 ص 259 وما بعد.
(¬2) طبقات الشعراني ج 2 ص 151.
(¬3) كشف المحجوب للهجويري ترجمة عربية ص 262.
(¬4) التعرف للكلاباذي ص 163.

الصفحة 273