كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

ونقل عن الحسن البصري رحمة الل عليه أنه قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال معي أربع دوانيق يكفيني ما معي ويشيد هذا ما روى عن سفيان أنه قال لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء. وهذا يدل على أن هذا الاسم كان يعرف قديما وقيل لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية) (¬1).
فهل هناك تعارض وتناقض أكثر من ذلك؟.
ورجح الرأي الأخير أبو المفاخر يحيى الباخرزي (¬2).
ونجم الدين كبرى (¬3) رجح كون كلمة التصوف مشتقة من الصوف , وأضاف (بأن أول من لبس الصوف آدم وحواء , لأنهما أول ما نزلا في الدنيا كانا عريانين , فنزل جبريل بالخروف فأخذا منه الصوف , فغزلت حواء ونسجه آدم ولبساه , وكذلك موسى عليه السلام لبس الصوف , وأن يحيى وزكريا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أيضا كانوا يلبسون الصوف.
ونسبة الصوفي إلى الصوف , وإذا ألبس الصوف طلب من نفسه حقه , لأن الصوف مركب من الأحرف الثلاثة: الصاد , والواو , والفاء , فيطلب من الصاد العبر والصلابة والصدق والصلاة , ويطلب من الواو الوفاء والوجد , وبالفاء الفرج والفرح) (¬4).
ومن الطرائف أن نجم الدين كبرى هذا زاد على الآخرين حيث بين ألوان الصوف الذي يلبسه الصوفية على اختلاف أوصافهم وأحوالهم فقال:
(إن الذي قهر نفسه وقتلها بسيف المجاهدة والمكابدة , وجلس في مآتم النفس , عليه أن يلبس الصوف الأسود , وإن كان تائبا عن المخالفات وغسل ملبوس عمره بصابون الإنابة والرياضة. ونقى صحيفة قلبه عن ذكر الغير فعليه الصوف الأبيض , وإن كان من الذين اجتازوا العالم السفلي , ووصل العالم العلوي بهمته
¬_________
(¬1) (عوارف المعارف) للسهروردي عبد القاهر بن عبد الله ص 59 إلى 63 ط دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الثانية 1403 هـ.
(¬2) انظر لذلك كتاب (أوراد الأحباب وفصوص الآداب) لأبي المفاخر يحيى الباخرزي المتوفى 736 هـ ج 2 ص 14 باهتمام أفشار ط ز طهران 1966 م.
(¬3) هو أبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله خوارزمي المشهور بنجم الدين كبرى الملقب بالطامة الكبرى المتوفى 618 هـ وله مؤلفات كثيرة في اللغة الفارسية واللغة العربية.
(¬4) (آداب الصوفية) لنجم الدين كبرى (فارسي) ص 28 ط كتاب فرشي زوار هجري قمري إيران.

الصفحة 29