كتاب التصوف - المنشأ والمصادر

قال: الصوفي من استصفاه الحق لنفسه توددا) (¬1).

وقريبا من ذلك قال قبله صوفي فارسي آخر , وهو عبد العزيز بن محمد النسفي: إن التصوف مأخوذ من الصفوة (¬2).
ولقد ذكر في أصل التصوف واشتقاقه أقوال أخرى , منها ما ذكرها الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي , والإمام ابن تيمية , عند ذكرهما التصوف والصوفية , واللفظ الأول:
(قد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة. وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الإنقطاع إلى الله عز وجل وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل أهل الصفة. والحديث بإسناد عن الحسن. قال بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الصفة. فيقولون: وعليك السلام يا رسول الله. فيقول كيف أصبحتم. فيقولون بخير يا رسول الله. وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقى من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه فنتعشى فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ناموا في المسجد.

قال المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة. وإنما أكلوا الصدقة ضرورة. فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا , ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي , وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة. فنسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذه أيضا غلط لأنه لو نسبوا أليها لقيل صوفاني. وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا. وهي الشهرات النابتة في مؤخرة كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق) (¬3).
¬_________
(¬1) نفحات الأنس (الفارسي) للجامي ص 12 إيران 1337 هجري شمسي.
(¬2) كشف الحقائق لعبد العزيز النسفي بتحقيق وتعليق الدكتور أحمد مهدوي ص 120 ط طهران 1359 هجري قمري.
(¬3) تلبيس ابليس لابن الجوزي المتوفى 597 ص 157 دار القلم بيروت , أيضا الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام ابن تيمية ط دار الفتح القاهرة 1984 م , أيضا تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية صادق نشأت ص 60 , 61 ط مكتبة النهضة المصرية.

الصفحة 31