كتاب العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية
خَلْقٌ عَظيمٌ من خَلْقِ الله تعالى، ولم يره النبُّيُّ -صلى الله عليه وسلم- على صُورتهِ إلاَّ مَرَّتين، كَما قالَتْ عائشةُ رضي الله عنها لمَسْروقٍ حين سألَها عن قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، وقولِه: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]: أنا أَوَّل هذه الأمَّةِ سألَ عَنْ ذلك رَسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالَ: "إنَّما هو جبريلُ، لَمْ أرَه على صُورتِهِ الَّتي خُلِقَ عَليها غيرَ هاتَيْن المَرَّتَيْنِ، رأيْتُهُ مُنْهَبِطاً من السَّماءِ، سادّاً عِظَمُ خَلْقِهِ ما بَيْنَ السماء إلى الأرْضِ" (¬20)
وقالَ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه في هذه الأية {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رأيْتُ جبريلَ عند سِدْرةِ المُنتْهى، عليه سِتُّ مِئَةِ جَناح، يُنْثَر من ريشِهِ التَّهاويلُ: الدّرُّ والياقوتُ" (¬21).
ولقَدْ أنبأنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- نفسُه عن صِفَةِ إتيانِ الوَحْيِ إلَيْهِ، حينَ سألَه الحارثُ بن هِشام رضي الله عنه، فقال: يا رسولَ الله، كيفَ يأتيكَ
¬__________
(¬20) قطعة من حديث صحيح.
أخرجه أحمد 6/ 236، 241 ومسلم رقم (177) والترمذي رقم (3068) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق به.
قال الترمذي:"حديث حسن صحيح، ومسروق بن الأجدَع، يُكْنى أبا عائشة، وهو مسروق بن عبد الرحمن ... ".
قلت: وأصلُ الحديث عند البخاري في "الصحيح".
(¬21) حديث جيد الإِسناد.
أخرجه أحمد 1/ 412، 460 وابن طَهْمان في "مشيخته" رقم (126) والنسائي في "الكبرى" -كما في "تحفة الأشراف" 7/ 25 - وأبو يعلى في "مسنده" رقم (4993) وابن خزيمة في "التوحيد" ص: 203 وابن جرير في "تفسيره" 27/ 49 من طرق عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زِرّ عن ابن مسعود به.