كتاب العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية
الخَلْقِ والأمْرِ" (¬38).
وقال لهم: "قال الله: {أتَى أَمْرُ اللهِ ...} [النحل: 1] فأمْرُهُ كلامُه واستطاعَتُهُ ليسَ بمخلوقٍ، فلا تَضْرِبوا كِتابَ الله بعضَهُ بِبعضٍ" (¬39).
وقالَ فيما كتَبَهُ للمتوكِّل حينَ سألَهُ عن مَسألةِ القرآنِ: "وقَدْ قالَ الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ...} [التوبة: 6]، وقَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}، فَأخبَرَ بالخَلْقِ، ثُمَّ قَالَ: {وَالأمْرُ}، فأخبرَ أنَّ الأمرَ غَيْرُ مَخلوقٍ (¬40).
وقد سبَقَ الإِمامَ أحمد إلى هذا الاحتجاج شيخُه الإمامُ سفيانُ بن عُيَيْنَةَ الهِلاليُّ الحافظُ الثِّقَةُ الحُجَّةُ، فقالَ رَحمه الله:
"ما يَقولُ هذا الدُّوَيْبَّةُ؟ " -يعني بشرًا المَريسِيّ-.
قالوا: يا أبا محمَّدٍ، يزعُمُ أنَّ القُرآنَ مَخلوقٌ، فقالَ:
"كَذَبَ، قال الله عَزَّ وجَلَّ: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ} فالخَلْقُ خَلْقُ الله تبارك وتعالى، والأمْرُ القرآنُ" (¬41).
قال الحافظُ هبةُ الله ابنُ الطَّبَريّ عقبَ هذا: "وكذلكَ قالَ أحمدُ بن حنبل ونُعَيْمُ بن حمَّادٍ، ومحمَّدُ بن يحيى الذُّهْليُّ، وعَبْدُ السَّلام بن عاصمٍ
¬__________
(¬38) رواه حنبل في "المحنة" ص: 53 عن أحمد.
(¬39) رواه حنبل في "المحنة" ص: 54 عنه.
(¬40) رواه صالح ابنه في "المحنة" روايتة ص: 120 - 121.
(¬41) رواه الآجري في "الشريعة" ص: 80 وابن الطبري في "السنة" رقم (358) والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 88 - 89 بسند جيد عنه.
الصفحة 123