كتاب العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية

وتَبْدِيعهم، وأبو عبد الله أحمد بن حنبل أشدُّهم إنكاراً.
قال أبو داود السِّجِستانيُّ: سمعتُ أحمدَ ذَكَرَ رَجُلينِ كانا وَقَفا في القرآنِ، ودَعَوَا إليه، فجعَلَ يَدعو علَيْهما، وقالَ لي: هذا لأحدِهما فِتْنةٌ، وجعَلَ يذكرهما بالمَكْروهِ (¬4).
وقالَ: رأيتُ أحمدَ سلَّمَ عليه رجلُ من أهْلِ بغداد ممَّن وقَفَ -فيما بلَغني- فقال: "اغْرُبْ، لا أرَينَّكَ تَجِيءُ إلى بابي -في كلام غَليظ-" ولَمْ يرُدَّ عليه السَّلامَ، وقالَ لَهُ:
"ما أحوَجَكَ إلى أنْ يُصْنَعَ بك ما صنَعَ عُمَرُ بصَبِيغٍ".
قال أبو داودَ: فهَّمَني بصَبيغ بعضُ ولَد أحمدَ -[فدخَلَ بيتَه وردَّ البابَ] (¬5).
وقالَ أبو طالب: سألتُ أبا عبد الله عمَّن أمسكَ، فقال: لا أقولُ ليسَ هو مخلوقاً، إذا لَقِيَني بالطريقِ وسلَّمَ عليَّ، أسَلِّمُ عليه؟
قال: "لا تُسَلِّمْ عليه، ولا تكلِّمْهُ، كيفَ يعرفُه الناسُ إذا سلَّمتَ عليْهِ؟ وكيفَ يعرفُ هو أنَّك مُنكرٌ عليه، فإذا لَمْ تُسَلِّم عليه عَرَفَ الذّلَّ، وعرفَ أنك أنكرتَ عليه، وعرفهُ النَّاسُ" (¬6).
¬__________
(¬4) رواه أبو داود في "المسائل" ص: 264 ومن طريقه الآجري ص: 87.
(¬5) رواه أبو داود في "المسائل" ص: 264ومن طريقه: الآجري ص: 87. وصَبيغ هذا بصريٌّ قَدِم على عُمَر فكان يجادل في متشابه القرآن، فجلَده عمر رضي الله عنه لذلك، وقصته صحيحة مشهورة، رويت موصولةً بسند صحيح عند ابن عساكر 8/ 117/أوغيره، ورويت مرسلةً من وجوه متعددة.
(¬6) رواه الآجري ص: 88 بسند صحيح.

الصفحة 151