كتاب العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية
هو أظهرُ صفاتِ بني آدم، كما قال تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ولفظُه لا تُحْصى وجوهُه كثرةً، لَمْ يعرفْهُ أحدٌ من الصحابةِ والتابعين وتابعِيهم، حتى جاءَ مَن قالَ فيه قولاً لم يَسْبِقْهُ إليه أحدٌ من المسلمينَ ولا غيرِهم" (¬17).
وقال الحافظ أبو نَصْر السِّجْزيُّ: "رَكِبوا مُكابَرَةَ العِيانِ، وخَرَقوا الإِجماعَ المُنْعَقِدَ بين الكافَّة: المُسْلم والكافِر" (¬18) بلْ "ألجَأهم الضِّيقُ مِمَّا دخَلَ عليهم في مقالَتهم إلى أنْ قالوا: الأخرَسُ متكَلِّمٌ، وكذلك السَّاكتُ والنائمُ، ولهم في حال الخَرَس والسُّكوت والنَّوم كلامٌ هم متكلِّمونَ به، ثمَّ أفصَحوا بأنَّ الخرَسَ والسُّكوتَ والآفات المانعة من النّطق لَيْسَتْ بأضْداد الكلام" (¬19).
قال: "وهذه مقالةٌ تُبَيِّنُ فضيحةَ قائلها في ظاهِرها من غير رَدٍّ عليه، ومَن عُلِمَ منه خَرْقُ إجماع الكافّة، ومخالفَةُ كلّ عَقْليّ وسَمْعيّ قبلَه لم يُناظَرْ، بل يُجانَبُ وَيُقْمَعُ" (¬20).
قلتُ: ولقد كانت هذه البدعةُ جَديرةً بالإِعراض عنها لولا ما عمَّ بها من فَساد الاعتقاد، ولَبْسِ الحَقّ بالباطل، فلا حولَ ولا قوة إلاَّ بالله.
¬__________
(¬17) كتاب "الإِيمان" ص: 128.
(¬18) نقله عنه شيخ الإِسلام في "درء التعارض" 2/ 85.
(¬19) نقله عنه شيخ الإِسلام أيضاً في "درء التعارض" 2/ 86.
(¬20) المصدر السابق 2/ 86.