كتاب نور اللمعة في خصائص الجمعة

ومن صح له رمضان، وسلم سلمت له سائر سننه، ومن صحت له حجته وسلمت له صح له سائر عمره، فيوم الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضان ميزان العام، والحج ميزان العمر، وبالله التوفيق.
الخاصة الرابعة والعشرون: 1 إنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام، وكان العيد مشتملًا على صلاة وقربان، وكان يوم الجمعة يوم صلاة جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلًا من القربان، وقائمًا مقامه، فيجتمع للرائح فيه إلى المسجد الصلاة والقربان كما في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا" وقد اختلف الفقهاء في هذه الساعة على قولين أحدهما أنها من أول النهار، وهذا هو المعروف في مذهب الشافعي، وأحمد وغيرهما، والثاني أنها أجزاء من الساعة السادسة بعد الزوال، وهذا هو المعروف في مذهب مالك، واختاره بعض الشافعية، واحتجوا عليه بحجتين أحداهما أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال، وهو مقابل الغدو الذي لا يكون إلا قبل الزوال قال تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} قال الجوهري: لا يكون إلا بعد الزوال الحجة الثانية أن السلف كانوا أحرص شيء على الخير، ولم يكونوا يغدون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس، وأنكر مالك التبكير إليها في أول النهار، وقال: لم ندرك عليه أهل المدينة، واحتج أصحاب القول الأولى بحديث جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة اثنا عشر ساعة، قالوا: والساعات المعهودة هي الساعات التي هي اثنا عشر ساعة، وهي نوعان ساعات معتدلة، وساعات زمانية، قالوا: ويدل هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما بلغ بالساعات إلى ست ولم يزد عليها، ولو كانت الساعة أجزاء صغارًا من الساعة التي تفعل فيها الجمعة لم تنحصر في ستة أجزاء بخلاف ما إذا كان المراد بها الساعات المعهودة، فإن الساعة السادسة متى خرجت، ودخلت السابعة خرج الإمام، وطويت الصحف ولم يكتب لأحد قربان بعد ذلك كما جاء مصرحًا
__________
1 انظر الخاصية الثانية والثلاثين عند السيوطي.

الصفحة 141