كتاب نور اللمعة في خصائص الجمعة

فهذه جملة الأقوال في ذلك قال المحب الطبراني: أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى في مسلم، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام.
قال ابن حجر: وما عداهما إما ضعيف الإسناد، أو موقوف أسند قائله إلى اجتهاد دون توقيف.
ثم اختلف السلف أي القولين المذكورين أرجح، فرجح كلا مرجحون، فرجح ما في حديث أبي موسى البيهقي، وابن العربي والقرطبي، وقال النووي: إنه الصحيح والصواب.
ورجح قول ابن سلام أحمد بن حنبل، وابن راهويه وابن عبد البر وابن الزملكاني من الشافعية.
قلت: وههنا أمر وذلك أن ما أورده أبو هريرة على ابن سلام من أنها ليست ساعة صلاة وارد على حديث أبي موسى أيضا؛ لأن حال الخطبة ليست ساعة صلاة، ويتميز ما بعد العصر بأنها ساعة دعاء، وقد قال في الحديث: يسأل الله شيئا، وليس حال الخطبة ساعة دعاء؛ لأنه مأمور فيها بالإنصات، وكذلك غالب الصلاة.
ووقت الدعاء منها إما عند الإقامة، أو في السجود أو التشهد، فإن حمل الحديث على هذه الأوقات اتضح مما ويحمل قوله: وهو قائم يصلي على حقيقته في هذين الموضعين، وعلى مجازه في الإقامة أي يريد الصلاة.
وهذا تحقيق حسن فتح الله به، وبه يظهر ترجيح رواية أبي موسى على قول ابن سلام: لإبقاء الحديث على ظاهره من قوله: يصلي ويسأله، فإنه أولى من حمله على انتظار الصلاة؛ لأنه مجاز بعيد، وموهم أن انتظار الصلاة شرط في الإجابة؛ ولأنه لا يقال في منتظر الصلاة قائم يصلي، وإن صدق أنه في صلاة؛ لأن لفظ قائم يشعر بملابسته الفعل.

الصفحة 82