كتاب نور اللمعة في خصائص الجمعة

وفيه قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: أي ساعة هي؟ قال: "إذا تدلى الشمس للغروب".
فكانت فاطمة إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلاما لها يقال له: زيد ينظر لها الشمس، فإذا أخبرها أنها تدلت الغروب أقبلت على الدعاء إلى أن تغيب.
في إسناده اختلاف على زيد بن علي، وفي بعض رواته من لا يعرف حاله.
وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق سعيد بن راشد، عن زيد بن علي عن فاطمة لم يذكر مرجانة، وقال فيه: إذا تدلت الشمس للغروب.
وقال فيه: تقول لغلام يقال له أريد: اصعد على الظراب، فإذا تدلت الشمس للغروب، فأخبرني والباقي نحوه.
وفي آخره: ثم تصلي يعني المغرب.
فهذا جميع ما اتصل من الأقوال في ساعة الجمعة مع ذكر أدلتها، وبيان حالها في الصحة والضعف والرفع، والوقف والإشارة إلى مأخذ بعضها، وليست كلها متغايرة من كل جهة بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره.
ثم ظفرت بعد كتابة هذا بقول زائد على ما تقدم، وهو غير منقول استنبطه صاحبنا العلامة الحافظ شمس الدين الجزري، وأذن لي في روايته عنه في كتابه المسمى "الحصن الحصين" في الأدعية لما ذكر الاختلاف في ساعة الجمعة، واقتصر على ثمانية أقوال مما تقدم، ثم قال ما نصه:
والذي أعتقده أنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في صلاة الجمعة إلى أن يقول: آمين، جمعا بين الأحاديث التي صحت كذا قال: ويخدش فيه أنه يفوت على الداعي حينئذ الإنصات لقراءة الإمام، فليتأمل.
قال الزين المنير: يحسن جمع الأقوال، وكان قد ذكر مما تقدم عشرة أقوال تبعا لابن بطال قال: فتكون ساعة الإجابة واحدة منها لا بعينها، فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها، والله المستعان.
وليس المراد من أكثرها أن يستوعب جميع الوقت الذي عين، بل المعنى أنها تكون
في أثنائه لقوله فيما مضى: "يقللها"، وقوله: "وهي ساعة مخفية".
وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه، فيكون ابتداء مظنها ابتداء الخطبة مثلا، وانتهاؤه انتهاء الصلاة.

الصفحة 94