كتاب شرح حديث النزول

النهار الذي أوله من طلوع الفجر؛ فإن نصف هذا يكون قبل الزوال؛ ولهذا غلط بعض متأخري الفقهاء ـ لما رأى كلام العلماء أن الصائم المتطوع يجوز له أن ينوي التطوع قبل نصف النهار؛ وهل يجوز له بعده؟ على قولين هما روايتان عن أحمد ـ ظن أن المراد بالنهار هنا نهار الصوم الذي أوله طلوع الفجر. وسبب غلطه في ذلك أنه لم يفرق بين مسمى النهار إذا أطلق، وبين مسمى نصف النهار، فالنهار الذي يضاف إليه نصف في كلام الشارع وعلماء أمته هو من طلوع الشمس، والنهار المطلق في وقت الصلاة والصيام من طلوع الفجر.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بالنزول إذا بقي ثلث الليل، فهذا الليل ـ المضاف إليه الثلث يظهر أنه من جنس النهار المضاف إليه النصف ـ وهو الذي ينتهي إلى طلوع الشمس، وكذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وقت العشاء إلى نصف الليل " أو " إلى الثلث "، فهو هذا الليل. وكذلك الفقهاء إذا أطلقوا ثلث الليل ونصفه؛ فهو كإطلاقهم نصف النهار. وهكذا أهل الحساب لا يعرفون غير هذا.
وقد يقال: بل هو الليل المنتهي بطلوع الفجر كما في الحديث الصحيح: " أفضل القيام قيام داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه ". واليوم المعتاد المشروع إلى طلوع الشمس بل إلى طلوع الفجر. فإن كان المراد بالحديث هذا، وحينئذ فإذا قدر ثلث الليل في أول المشرق يكون قبل طلوع الشمس عليهم بأربع ساعات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفرله؟ حتى يطلع الفجر ". فقد أخبر

الصفحة 109