كتاب شرح حديث النزول

قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ولم يقل: لعدمتا؛ وهذا معنى قول لَبِيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وهو كالدعاء المأثور: " أشهد أن كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك باطل، إلا وجهك الكريم ".
ولفظ [الباطل] يراد به المعدوم، ويراد به ما لا ينفع، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته لزوجته، فإنهن من الحق ".
وقوله عن عمر ـ رضي الله عنه ـ: " إن هذا الرجل لا يحب الباطل "، ومنه قول القاسم بن محمد لما سئل عن الغناء قال: إذا ميز الله يوم القيامة الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء؟ قال السائل: من الباطل. قال: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 32] ، ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62] .
فإن الآلهة موجودة ولكن عبادتها ودعاؤها باطل لا ينفع، والمقصود منها لايحصل، فهو باطل، واعتقاد ألوهيتها باطل، أي غير مطابق، واتصافها بالإلهية في أنفسها باطل، لا بمعنى أنه معدوم.
ومنه قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] ، وقوله: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَان

الصفحة 142