كتاب شرح حديث النزول

فصل
وإذا عرف تنزيه الرب عن صفات النقص مطلقًا، فلا يوصف بالسُّفُول ولا علو شيء عليه بوجه من الوجوه، بل هوالعلي الأعلى الذي لا يكون إلا أعلى، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس كمثله شيء فيما يوصف به من الأفعال اللازمة والمتعدية، لا النزول ولا الاستواء ولا غير ذلك، فيجب مع ذلك إثبات ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله، والأدلة العقلية الصحيحة توافق ذلك لا تناقضه، ولكن السمع والعقل يناقضان البدع المخالفة للكتاب والسنة، والسلف، بل الصحابة والتابعون لهم بإحسان كانوا يقرون أفعاله من الاستواء والنزول وغيرهما على ما هي عليه.
قال أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره: ثنا عصام بن الرَّوَّاد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، {ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء} [فصلت: 11] يقول: ارتفع. قال: وروي عن الحسن ـ يعني البصري ـ والربيع بن أنس مثله كذلك.
وذكر البخاري في صحيحه في [كتاب التوحيد] قال: قال أبو العالية: {ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء} [فصلت: 11] : ارتفع فسوى خلقهن. وقال مجاهد: {ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء} [فصلت: 11] : علا على العرش، وكذلك ذكر ابن أبي حاتم فيتفسيره في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء} [فصلت: 11] وروى بهذا الإسناد عن أبي العالية، وعن الحسن، وعن الربيع مثل قول أبي العالية. وروى بإسناده {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: 4] قال: في اليوم السابع.
وقال أبو عمرو الطلمنكي: وأجمعوا ـ يعني أهل السنة والجماعة ـ على أن لله عرشًا، وعلى أنه مستو على عرشه، وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه. قال: فأجمع المسلمون

الصفحة 144