كتاب شرح حديث النزول

مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 24] وكذلك الساجد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ". وكذلك تقرب الروح إلى الله في غير حال السجود مع أنها في بدنه؛ ولهذا يقول بعض السلف: القلوب جوّالة: قلب يجول حول العرش، وقلب يجول حول الحش.
وإذا قبضت الروح عرج بها إلى الله في أدنى زمان، ثم تعاد إلى البدن فتسأل وهي في البدن، ولو كان الجسم هو الصاعد النازل لكان ذلك في مدة طويلة، وكذلك ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم من حال الميت في قبره وسؤال منكر ونكير له، والأحاديث في ذلك كثيرة.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أقعد الميت في قبره أتى ثم شهد أن لا إله إلا الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] ) .
وكذلك في صحيح البخاري وغيره عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن العبد إذا وضع في قبره ـ وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم ـ أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقول له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة " قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فيراهما جميعًا. وأما الكافر والمنافق فيقول: هاه، هاه، لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته، فيقال له: لا دَرَيتَ ولا تَلَيْتَ، ويضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين " [وقوله: " ولا تَلَيْتَ " قال ابن الأثير: هكذا يرويه المحدِّثون. والصواب: ولا ائتَلَيت. وقيل: معناه: لا قرأت، أي: لا تلوت] . .

الصفحة 149