كتاب شرح حديث النزول

وسواء قام به أو لم يقم به، يفتقر ذلك الخلق إلى خلق آخر، ويلزم التسلسل، هذا عمدتهم.
وجواب السلف والجمهورعنها بمنع مقدماتها، كل طائفة تمنع مقدمة، ويلزمهم ذلك إلزامًا لا محيد لهم عنه.
أما الأولى: فقولهم: لو كان قديمًا لزم قدم المخلوق، يمنعهم ذلك من يقول: بأن الخلق فعل قديم يقوم بالخالق، والمخلوق مُحدَث، كما يقول ذلك من يقوله من الكلابية والحنفية والحنبلية والشافعية والمالكية والصوفية وأهل الحديث، وقالوا: أنتم وافقتمونا على أن إرادته قديمة أزلية مع تأخر المراد، كذلك الخلق هو قديم أزلي وإن كان المخلوق متأخرًا. ومهما قلتموه في الإرادة ألزمناكم نظيره في الخلق.
وهذا جواب إلزامي جدلي لا حيلة لهم فيه.
وأما المقدمة الثانية: وهي قولهم: لوكان حادثا قائما بالرب، لزم قيام الحوادث وهو ممتنع، فقد منعهم ذلك السلف وأئمة أهل الحديث، وأساطين الفلاسفة وكثير من متقدميهم ومتأخريهم، وكثير من أهل الكلام، كالهشامية والكرامية، وقالوا: لا نسلم انتفاء اللازم، وسيأتي الكلام إن شاء الله ـ تعالى ـ على ذلك في [الأصل الثاني] .
وأماالثالث: فقولهم: إن لم تقم به فهو محال، فهذا لم يمنعهم إياه إلا طوائف من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، فمنهم من قال: بل الخلق يقوم بالمخلوق، ومنهم من يقول: بل الخلق ليس في محل، كما تقول المعتزلة البصريون: فعل بإرادة لا في محل، وهذا ممتنع لا أعرفه عن أحد من السلف وأهل الحديث والفقهاء والصوفية والفلاسفة.
وأما المقدمة الرابعة وهي قولهم: الخلق الحادث يفتقر إلى خلق آخر، فقد منعهم من ذلك عامة من يقول بخلق حادث من أهل الحديث والكلام والفلسفة والفقه والتصوف وغيرهم، كأبي معاذ التومني، وزهير الإبرى، والهشامية، والكرامية، وداود بن على

الصفحة 153