كتاب شرح حديث النزول

الثغر، والخطابي والحليمي، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأبي بكر البيهقي وغير هؤلاء.
والثاني: قول من يقول: بل هذه الطريقة باطلة في نفسها؛ ولهذا ذمها السلف، وعدلوا عنها. وهذا قول أئمة السلف كابن المبارك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي يوسف، ومالك بن أنس، وابن الماجشون عبد العزيز، وغير هؤلاء من السلف.
وحفص الفرد لما ناظر الشافعي في مسألة القرآن ـ وقال: القرآن مخلوق، وكفَّره الشافعي ـ كان قد ناظره بهذه الطريقة.
وكذلك أبو عيسى ـ محمد بن عيسى برغوث ـ كان من المناظرين للإمام أحمد بن حنبل في مسألة القرآن بهذه الطريقة.
وقد ذكر الإمام أحمد في رده على الجهمية مما عابه عليهم أنهم يقولون: إن الله لا يتكلم ولا يتحرك.
وأما عبد الله بن المبارك، فكان مبتلى بهؤلاء في بلاده، ومذهبه في مخالفتهم كثير وكذلك الماجشون في الرد عليهم، وكلام السلف في الرد على هؤلاء كثير، وقال لهم الناس: إن هذا الأصل الذي ادعيتم إثبات الصانع به، وإنه لا يعرف أنه خالق للمخلوقات إلا به، هو بعكس ما قلتم، بل هذا الأصل يناقض كون الرب خالقًا للعالم، ولا يمكن مع القول به القول بحدوث، العالم ولا الرد على الفلاسفة.
فالمتكلمون الذين ابتدعوه وزعموا أنهم به نصروا الإسلام، وردوا به على أعدائه كالفلاسفة، لا للإسلام نصروا، ولا لعدوه كسروا، بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتبعهم، فأفسدوا عقله ودينه، واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين، وفتحوا لعدو الإسلام بابًا إلى مقصوده.

الصفحة 163