كتاب شرح حديث النزول

قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، فقال: الله أكبر الله أكبر ".
فلفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال، والقوة هي القدرة على ذلك التحول؛ فدلت هذه الكلمة العظيمة على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال، ولا قدرة على ذلك إلا بالله. ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص فيقول: لا حول من معصيته إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته.
والصواب الذي عليه الجمهور هو التفسير الأول، وهو الذي يدل عليه اللفظ، فإن الحوْل لا يختص بالحول عن المعصية، وكذلك القوة لا تختص بالقوة على الطاعة، بل لفظ الحول يعم كل تحول.
ومنه لفظ [الحيلة] ووزنها فعلة بالكسر، وهي النوع المختص من الحول كما يقال: الجلسة، والقعدة، واللبسة، والأكلة، والضجعة ونحو ذلك بالكسر هي النوع الخاص، وهو بالفتح المرة الواحدة. فالحيلة أصلها حولة، لكن لما جاءت الواو الساكنة بعد كسرة قلبت ياء، كما في لفظ ميزان وميقات، وميعاد وزنه مفعال؛ وقياسه موزان وموقات، لكن لما جاءت الواو الساكنة بعد كسرة قلبت ياء، قال تعالى: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [النساء: 98] من الحيل؛ فإنها نكرة في سياق النفي فتعم جميع أنواع الحيل. وكذلك لفظ [القوة] ، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54] ، ولفظ القوة قد يراد به ما كان في القدرة أكمل من غيره، فهو قدرة أرجح من غيرها، أو القدرة التامة. ولفظ

الصفحة 186