كتاب الزهد والورع والعبادة

الصَّبْر على الطَّاعَات وَكَذَلِكَ مَا يُؤْذِي الانسان بِهِ فِي فعله للطاعات كَالصَّلَاةِ وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَطلب الْعلم من المصائب فصبره عَلَيْهَا أفضل من صبره على مَا ابْتُلِيَ بِهِ بِدُونِ ذَلِك وَكَذَلِكَ اذا دَعَتْهُ نَفسه الى مُحرمَات من رئاسة وَأخذ مَال وَفعل فَاحِشَة كَانَ صبره عَنهُ أفضل من صبره على مَا هُوَ دون ذَلِك فَإِن أَعمال الْبر كلما عظمت كَانَ الصَّبْر عَلَيْهَا أعظم مِمَّا دونهمَا فَإِن فِي الْعلم والامارة وَالْجهَاد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَالصَّلَاة وَالْحج وَالصَّوْم وَالزَّكَاة من الْفِتَن النفسية وَغَيرهَا مَا لَيْسَ فِي غَيرهَا ويعرض فِي ذَلِك ميل النَّفس الى الرِّئَاسَة وَالْمَال والصور فَإِذا كَانَت النَّفس غير قادرة على ذَلِك لم تطمع فِيهِ كَمَا تطمع مَعَ الْقُدْرَة فَإِنَّهَا مَعَ الْقُدْرَة تطلب تِلْكَ الْأُمُور الْمُحرمَة بِخِلَاف حَالهَا بِدُونِ الْقُدْرَة فَإِن الصَّبْر مَعَ الْقُدْرَة جِهَاد بل هُوَ من أفضل الْجِهَاد وأكمل من ثَلَاثَة أوجه أَحدهمَا أَن الصَّبْر عَن الْمُحرمَات أفضل من الصَّبْر على المصائب الثَّانِي أَن ترك الْمُحرمَات مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا وَطلب النَّفس لَهَا أفضل من تَركهَا بِدُونِ ذَلِك الثَّالِث أَن طلب النَّفس لَهَا اذا كَانَ بِسَبَب أَمر ديني كمن خرج لصَلَاة أَو طلب علم أَو جِهَاد فابتلي بِمَا يمِيل اليه من ذَلِك فَإِن صبره عَن ذَلِك يتَضَمَّن فعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور بِخِلَاف مَا اذا مَالَتْ نَفسه الى ذَلِك بِدُونِ عمل صَالح وَلِهَذَا كَانَ يُونُس بن عبيد يُوصي بِثَلَاث

الصفحة 17