كتاب الزهد والورع والعبادة

المُرَاد بالسنن وَقيل المُرَاد بالسنن هُنَا سنَن أهل الْحق وَالْبَاطِل أَي يُرِيد أَن يبين لنا سنَن هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء فيهدي عباده الْمُؤمنِينَ الى الْحق ويضل آخَرين فَإِن الْهدى والضلال انما يكون بعد الْبَيَان كَمَا قَالَ وَمَا أرسلنَا من رَسُول الا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم فيضل الله من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم وَقَالَ وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد اذ هدَاهُم حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ فَتكون سنَن مُتَعَلقا بيبين يَعْنِي سنَن أهل الْبَاطِل لَا بيهدي وَأهل الْحق مُتَعَلق بقوله وَيهْدِيكُمْ وَقَالَ الزّجاج السّنَن الطّرق فَالْمَعْنى بدلكم على طَاعَته كَمَا دلّ الْأَنْبِيَاء وتابعيهم وَهَذَا أولى لِأَنَّهُ قد يقدم فعلين فَلَا يَجْعَل الأول هُوَ الْعَامِل وَحده بل الْعَامِل اما الثَّانِي وَحده واما الِاثْنَان كَقَوْلِه آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطرا أَو اذا أُرِيد هَذَا التَّقْدِير يبين لكم سنَن الَّذين من قبلكُمْ وَيهْدِيكُمْ سننا فَدلَّ على أَنه يهدينا سُنَنهمْ وَالْمرَاد بذلك سنَن أهل الْحق بِخِلَاف قَوْله قد خلت من قبلكُمْ سنَن فَإِنَّهُ قَالَ بعْدهَا فسيروا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين فَإِنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيف عُقُوبَة

الصفحة 20