كتاب الزهد والورع والعبادة

قَالَ تِلْكَ من أنباء الْغَيْب نوحيها اليك مَا كنت تعلمهَا أَنْت وَلَا قَوْمك من قبل هَذَا لَكِن يُجَاب عَن هَذَا بِأَنَّهُ لَو أُرِيد هَذَا الْمَعْنى لقَالَ يُرِيد الله ليبين لكم سنَن الَّذين من قبلكُمْ وَلم يحْتَج أَن يذكر الْهدى اذا كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا فَلَمَّا ذكر أَنه يُرِيد التَّبْيِين وَالْهدى علم أَن هَذَا غير هَذَا فالتبيين التَّعْرِيف والتعليم وَالْهدى هُوَ الْأَمر وَالنَّهْي وَهُوَ الدُّعَاء الى الْخَيْر كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلكُل قوم هاد أَي دَاع يَدعُوهُم الى الْخَيْر كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإنَّك لتهدي الى صِرَاط مُسْتَقِيم أَي تدعوهم اليه دُعَاء تَعْلِيم الارادة الشرعيه والارادة الكونية وهداه هُنَا يتَعَدَّى نَفسه لِأَن التَّقْدِير ولزمكم سنَن الَّذين من قبلكُمْ فَلَا تعدلوا عَنْهَا وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا بِالْهدى الالهام كَمَا فِي قَوْله اهدنا الصراد الْمُسْتَقيم لكَونه لَو أَرَادَ ذَلِك لوقع وَلم يكن فِينَا ضال بل هَذِه ارادة شرعيه أمرية بِمَعْنى الْمحبَّة وَالرِّضَا وَلِهَذَا قَالَ الزّجاج يُرِيد أَن يدلكم على مَا يكون سَببا لتوبتكم فعلق الارادة بِفعل نَفسه فَإِن الزّجاج ظن الارادة فِي الْقُرْآن لَيست الا كَذَلِك وَلَيْسَ كَمَا ظن بل الارادة الْمُتَعَلّقَة بِفِعْلِهِ يكون مرادها كَذَلِك فَإِنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وَأما الْإِرَادَة وشرعه فَهُوَ كَقَوْلِه مَا يُرِيد الله ليجعل عَلَيْكُم من حرج وَلَكِن يُرِيد ليطهركم الْآيَة وَقَوله انما يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَنَحْو ذَلِك

الصفحة 22