كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

100
وخلاصة زيادة المهدي للمسجد النبوي أنها كانت بدافع ديني وانتزعت الملكية فيها بالشراء والإرضاء دون قسر وإكراه وكانت محصورة في الشمال غير زيادة يسيرة من جهة الغرب.
وبعد المهدي لم يزد في المسجد النبوي إلا أنه في عام 654 هـ. احترق المسجد النبوي كما تقدم الكلام على ذلك في موضوع الحجرة الشريفة. ولما كتب إلى الخليفة المستعصم في بغداد في شهر رمضان بأمر هذا الحريق بادر بإرسال الآلات والصناع وبدأت عمارة المسجد النبوي الشريف ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن. فهاجم التتار بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم وأبادوا أهل بغداجد وألقوا بمئات الألوف من الكتب الإسلامية النفيسة في نهر دجلة حتى اسود ماؤه طيلة شهور، وما فعله هو شأن كل كافر حاقد عندما يجد فرصة ضد المسلمين فيستهدف العلماء والكتب ومراكز العلم والدين، هذا ما وقع في حروب الصليبيين والمستعمرين والشوعيين في الروس والصين وما يقع في فلسطين من إبادة وتشريد، وبلغ الحقد مذروته في حرق المسجد الأقصى والحفر تحته إلى غير ذلك من ألوان الفساد التي تلون في عصرنا بلون جديد هو التشكيك في دين الإسلام والتخطيط للإستخفاف به ثم لقلعه وإزالته من قلوب المسلمين بزرع الأفكار الملحدة والمذاهب الهدامة وإبعاد المسلمين عن القرآن والتزهيد في علماء الإسلام وتحقير شأنهم ونزع ثقة العامة منهم والتنفير من الأخلاق والآداب الإسلامية بوصفها بأوصاف منفرة مثل: (الرجعية - التزمت - التطرف - كبت الحرية) إلى غير ذلك من الأوصاف المنفرة لتكون غسيلاً لما تبقى من قيم ومبادئ إسلامية.

الصفحة 100