كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
111
رداءه رويداً وانتعل رويداً وفتح الباب وخرج ثم أجافه رويداً، وجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات وانحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: مالك يا عائشة حشياً رابية قالت قلت: لا شيء قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته، قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت نعم، فلهزني في صدري لهزة أوجعتني ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال: نعم، قال: إن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم.
قالت: قلت كيف اقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " وورد أنه يبعث من مقبرة البقيع سبعون ألفاً على صورة القمر ليلة البدر يدخلون الجنة بغير حساب، وورد أيضاً: " أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكون أول من يبعث فأخرج أنا وأبو بكر وعمر إلى أهل البقيع فيبعثون ثم يبعث أهل مكة فأحشر بين الحرمين ".
هذا وقد دفن بالمدينة المنورة نحو عشرة آلاف من الصحابة، وقد ألف بعض العلماء كتباً قيمة فيمن بالمدينة من الصحابة ومنهم مصطفى الرافعي