كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
127
عمنا وتمر بنا ولا تنزل فيكون ذلك فخراً لهم علينا إلى الأبد، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم يومه ذاك وأدركته صلاة الجمعة فصلى أول جمعة صلاها في الإسلام في مكان مسجدهم الذي عرف فيما بعد بمسجد الجمعة ولم يصل الجمعة في مكة لعدم أمنه على نفسه وعدم سلطانه عليها، وصلاها المسلمون في قباء قبل أن يصليها هو، لأن المسلمين في المدينة حينئذ لديهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم، وخطب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة أول خطبة جمعة له في الإسلام ومقدمتها: (الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأومن به ولا أكفره وأعادي من يكفره ..
إلخ) وستأتي هذه الخطبة كاملة في موضوع مسجد الجمعة إن شاء الله، ثم رحل النبي صلى الله عليه وسلم في آخر النهار ومر بين العجلان رهط عبادة بن الصامت رضي الله عنه ورهط عاصم بن عدي الذي حماه النحل من أعدائه، فقالوا يا رسول الله أنزل عندنا، فقال: (إنها مأمورة) يعني ناقته، ثم تيامن في الطريق فمر ببني الحبلى رهط عبد الله بن أبي المنافق وأراد النزول، وإذا بابن ابي رئيس المنافقين جالس مختبياً عند أطمه "مزاحم " فقال (قبحه الله): اذهب إلى الذين دعوك: فقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: لا تغضب يا رسول الله في نفسك من قوله فإنك جئت وقد اجتمع الخزرج على تتويجه ملكاً، ولكن هذه داري يا رسول الله فأنزل فيها، ثم مر ببني ساعدة فتلقاه سعد بن عبادة وأبو دجانة رضي الله عنهما في قومهم وقالوا يا رسول الله انزل عندنا ففينا العدد والثروة والحلقة، فقال: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)، ثم مر ببني عدي بن النجار