كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

133
فقال له يا كعب: إن هذا الرجل (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) منذ أن جاءنا رمتنا العرب بقوس واحدة وفني مالنا وإننا الآن في حاجة ماسة إلى الطعام فنريد أن تسلفنا من الطعام ونرهن لك ما يكفي لسدادك، فقال عدو الله: أنا كعب بن الأشرف لقد قلت لكم إن ذلك سيحل بكم، ارهنوني نساءكم أو أبناءكم، فقالوا له: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل فتى في العرب وكيف نرهنك أطفالنا؟ فماذا يتحدث به الناس عنا؟ ولكننا نرهنك من السلاح ما فيه كفايتك (قال له ذلك لكي لا ينكر صوت السلاح إذا أقبل به صحبه الذين معه) وكان أصحابه مسلحين بالسيوف والمغول (أي السيوف القصيرة) فقبل عدو الله بذلك فذهبوا به إلى بطن الوادي وهو غربي الحصن قريب منه جداً وإليه بوابة الحصن كما هو مشاهد حتى الآن وجاؤوا بسلاحهم معهم وجعلوا يتحدثون معه حديث الأنس فقال أبو نائلة: إني لأشم في رأسك يا كعب رائحة طيب ما شممت مثلها قط، فقال كعب نعم وعندي أعطر النساء.
فقال ابو نائلة دعني اشم رائحة الطيب برأسك فمكنه من شمها وجعل كل واحد من أصحابه يشم ويستحسن رائحة طيبه، وفجأة قال أبو نائلة لأصحابه اضربوه فضربوه فاختلفت أسياف أصحابه من بني عبد الأشهل فشقه محمد بن مسلمة بمغول حتى هلك عدو الله بين بوابة حصنه وبين الوادي.
وكفى عبد القدوس الأنصاري غيره مؤنة البحث عن هذا الحصن فانظر كتابه آثار المدينة فجزاه الله خيراً.

الصفحة 133