كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
155
موقعة الحرة المشهورة التي مات فيها خيار الأمة من حفظة القرآن الكريم من الصحابة والتابعين حين وجه يزيد بن معاوية جيشاً لغزو المدينة وإخضاع أهلهيا لسلطاته وذلك عام 63 من الهجرة النبوية وأمر على هذا الجيش مسلم بن عقبة المري الذي لقب فيما بعد عند المسلمين بمجرم أو مسرف بن عقبة، ونزل هذا الجيش بالجرف غربي العرصة الكبرى فقام أهل المدينة بإحياء الخندق النبوي وقاموا بحفر خنادق أخرى على كل حي مما أعاق دخول هذا الجيش فعند ذلك أجرى قائد جيش يزيد اتصالات سرية مع بعض رجال بني حارثة وكانوا يسكنون بالحرة الشرقية من جهة العريض والصدار وكان فيهم عدد كبير من المنافقين ففتح بنو خارثة لجيش مجرم هذا الطريق بين بيوتهم ومزارعهم وإذا بالجيش يفاجئ أهل المدينة من الجهة الشرقية التي لا خوف منها عادة لوجود الحرة الوعرة ولاشتباك المباني والمزارع إلا إذا خان أهلها كما وقع بالفعل، فاستبسل أهل المدينة في القتال وخرجوا إلى العريض في الحرة الشرقية حيث المكان الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقتل فيه خيار أمته، وفتك هذا الجيش فتكاً رهيباً بالقتل والنهب والسلب والإعتداء على الأعراض حتى قدر بعض المؤرخين عدد القتلى من الصحابة والتابعين بستة آلاف قتيل، وبلغ انتهاك الأعراض إلى حمل 800 ثمانمائة حرة من اغتصاب رجال الجيش وقيل ألف حرة واعتبر هؤلاء الأبناء من الموالي وربوا ف يالنخل وعرفوا بأبناء الحرة، وقتل بهذه الموقعة عبد الله (1) بن حنظلة غسيل الملائكة فمر عليه مروان بن
__________
(1) الإصابة، ج2، ص 291.