كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
156
الحكم الأموي الذي كان والياً ليزيد على المدينة مر عليه وهو ساقط على وجهه شهيداً وقد وضع يديه على عورته فلم يكشف منها شيء.
فقال مروان: أما والله لئن سقطت على جبهتك ميتاً لقد طالما سقطت عليها ساجداً لله ولئن حفظت عورتك بعد موتك لطالما حفظتها من الحرام وأنت حي، إن هذه شهادة بالتقوى من عدو (والفضل ما شهدت به الأعداء) ثم أخذ هذا المجرم البيعة على أهل المدينة بأنهم عبيد ليزيد.
ومن قال أبايعه على السمع والطاعة بادر إلى قتله إلا ما كان من أمر علي بن عبد الله بن عباس الذي جاء معه أربعة آلاف رجل من أخواله اليمنيين وقالوا يبايع على أنه ابن عم أمير المؤمنين يزيد بن معاوية فقبل المجرم منهم ذلك.
ثم سار هذا الجيش متوجهاً إلى مكة وقائده المجرم يئن تحت وطأة المرض بغدة سدت عليه النفس ثم مات بالبيداء بعد ذي الخليفة فجاءت جارية عبد الله بن حنظلة وكانت نذرت حرق جثته إن وجدت إلى ذلك سبيلا فلما نبشت قبره وجدته مسلسلاً محترق الوجه فقيل إنها قالت كفاني الله ما كنت أريد وقيل إنها جاءت بجثته كما وجدتها وصليته في سوق المدينة، وهكذا وقعت هذه الوقعة مصدقة لما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم (يقتل بحرة زهرة خيار أمتي) وزهرة اسم للحرة التي بين العريض والمدينة والتي يمر بها اليوم شارع المطار في الحرة الشرقية، وقد جعلت مقبرة في شرقي البقيع شرق قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه لشهداء الحرة.
وكانت موقعة الحرة وقتل الحسين بن علي رضي الله عنه من أقبح ما توج به يزيد خلافته على المسلمين. قال في موقعة الحرة