كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
163
عن أنس في تكثير الطعام: (قال أبو طلحة لأم سليم لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء قالت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير ثم أخرجت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي ولاثتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذهبت به فوجدته في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلك أبو طلحة فقلت نعم.
فقال لمن معه: قوموا وانطلقوا وانطلقت بين أيديهم حتى جئنا إلى ابي طلحة فأخبرته قال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم.
فقالت الله ورسوله أعلم فانطلق أبو طلخة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقبل وأبو طلحة معه فاقل ص: هلمي يا أم سليم ما عندك فأتت بذلك الخبز فأمر به صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت أم سليم عكة فأدمته ثم قال فيه صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ثم قال ائذن لعشرة حتى شبعوا والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً (1).
ولما نزل قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) (2) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الله عز وجل يقول: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالي غلي بيرحا وإنها صدقة الله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن
__________
(1) وفاء الوفاء، ج3، ص 288.
(2) سورة آل عمران، الآية 92.