كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
164
تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (1).
فلما عاد إلى البستان ووقف ببابه رأى عصفوراً محصوراً في داخله لا طريق له إلا من بوابة الحديقة فجعل أبو طلحة ينظر إليه ويبتسم فرأته زوجته أم سليم فقالت: يا ابا طلحة إن كنت أحدثت في الحديقة شيئاً فأخبرنا، فأخبرنا بنزول الآية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وأنه تصدق بهذه الحديقة في سبيل الله، فقالت له: هنيئاً لك، ثم عمدت إلى أطفال كانوا معها، يلعبون في البستان ويأكلون مما وجدوا، وكانت بأيديهم تميرات التقطوها من ساقط الشجر واستخرجتها من أيديهم ثم وضعتها في قعر إحدى شجرات البستان، فكان أبو طلحة رضي الله عنه أول من عمل بهذه الآية.
ورجا بتصدقه بها برها وذخرها، وقمت بزيارة موضع هذه البئر وشاهدت البناء المسقوف عليها إلا أن النافذة التي كانت ترى منها وجدتها مسدودة بصندوق من الورق، وقد أزيل الحي من شرقي البئر وأصبح موقفاً للسيارات ورأيت مكتوباً على ما تبقى من الحي جنوبها وغربها الأمر بمراجعة أمانة المدينة بأوراق ملكيتها، وهذا يعني أن بقية الحي على وشك الإزالة وكانت هذه الزيارة في يوم 15/ 11/1405 هـ فليت الميدان أو الموقف سمي باسمها ليبقى معروفاً لمن قرأوا عنها وسمعوا بما وقع فهيا من مناسبات نبوية.
__________
(1) الفتح، ج8، ص 232.