كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
166
من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الماء طهور لا ينجسه شيء) كما في رواية أبي داود، كما روى أنه صلى الله عليه وسلم بصق فيها ودعا لها.
ومعنى: تلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس أن المطر إذا نزل وتدفق السيل على هذه البئر القى فيها كل ذلك فإذا امتلأت تدفقت تلك الأوساخ فحملها السيل في رحلته إلى مجتمع الأسيال، وهذا يعني أنها لم تستقر وتمكث في البئر بل وقعت فيها فلما امتلأت قذفتها للسيول فأبعدتها فلهذا ظل ماؤها طهوراً، وهذه البئر ماؤها عذب ونقي وكانت تقع بين حديقتين إحداهما عن شمالها والأخرى في جهة القبلة منها وبسبب ذلك ظن البعض أن بضاعة اسم لبستان لا لبئر، وقد اشترى الشجاعي بئر بضاعة والبستانين معاً ووحدهما واتخذ ثم مسجداً وبركة وبنى منزلاً.
ويمر بشمال بئر بضاعة زقاق يعرف باسم صيادة ورأيت من يرجح أن سبب هذه التسمية لهذا الزقاق أنه يقع في مكان الحديقة التي ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عمر رضي الله عنه ليرى ابن صياد (1) هل هو الدجال الذي سيأتي في آخر الزمان فلما اقترب منه خبأ له في نفسه سورة الدخان وكان ابن صياد يدعي بكهانته أنه يعرف ما خبئ له وكان إذا علم بقرب النبي صلى الله عليه وسلم هرب منه ولكنه في هذه المرة فاجأه فقالت له أمه: هذا محمد ويحك فانج بنفسك فلم يستطع
__________
(1) ورد ذكر ابن صياد في البخاري، انظر الفتح، ج 7، ص 171.