كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
185
الأوس سوف ينضمون إلينا بمجرد أن نناديهم، وقد خاب ظنه لأن قومه أسلموا جميعاً ولما ناداهم يوم أحد ردوا عليه باللعنة وغضب الله فقال لقد أصاب قومي بعدي شر، بل الشر أصابه هو عليه لعنه الله، وزاد من تشجيع قريس اتصالات اليهود معهم ووعدهم لهم بالنصر والتأييد والأخص كعب بن الأشرف الطائي نسباً واليهودي ديناً وخؤولة.
ثم سارت قريش بثلاثة آلاف رجل ومائتي فرس وخمس عشرة ظعينة فيهن هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، فلما وصل المشركون إلى ذي الحليفة (أبيار علي) أرسلوا دوابهم في مزارع المدينة تأكل وتفسد، فلما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أرسل أنساً ومؤنساً ابني فضالة وفي اسمهما فأل حسن حتى رأوا جيش قريش وفساد دوابهم في المزارع، ثم بعث الحباب بن منذر فحزرهم وعرف عددهم وعدتهم ومدى قوتهم، وبات السعدان: ابن معاذ وابن عبادة يحرسان النبي صلى الله عليه وسلم ويحرسان المسجد وكان معهم أسيد بن حضير وكانت تلك الليلة ليلة الجمعة السادس من شوال من السنة الثالثة من الهجرة النبوية، كما باتت المدينة محروسة من كل الجهات، وفي هذه الليلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن في ذباب سيفه ثلمة، وأن بقراً يذبح، وأنه أدخل يده في درع حصينة، فأول ثلمة السيف بعمه حمزة، والبقر الذي يذبح بمن استشهد من أصحابه، والدرع الحصين هي المدينة وفي يوم الجمعة أجرى الشورى بين المسلمين من أجل الخروج إلى العدو أو البقاء في المدينة حتى يدخلها العدو عل المسلمين، وكان رأيه صلى الله عليه وسلم عدم الخروج إلى العدو حتى يدخل المدينة فتفرقه الحيطان