كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

186
ويشترك في قتله النساء والأطفال، وكذلك كان هذا رأي عبد الله بن أبي رئيس المنافقين وقال: يا رسول الله والله ما دخلها علينا عدو إلا هزم، ولكن الشبان من المسلمين الذين لم يشهدوا غزوة بدر وكانوا متعطشين للجهاد وكانوا كثرة رأوا الخروج إلى العدو فلما صلى المصطفى صلى الله عليه وسلم الجمعة ولبس لأمته للجهاد جاءه هؤلاء وقالوا يا رسول الله لقد استكرهناك على الخروج فإن أردت أن تجلس، فقال: ما ينبغي لنبي لبس لأمته فينزعها حتى يقاتل، ثم طلب من يخرج به إلى أحد من طريق لا يعرفه العدو فجاءه رجل من الأنصار وسلك به طريقاً جعل الحرة الشرقية عن يمينه حتى نزل بأجمة الشيخين وثم رجع عنه عبد الله بن ابي بمن أطاعه وهو ثلث الجيش وقال عدو الله: يطيع أمرهم ويترك رأيي، ولما عاتبه قومه قال لهم لو نعلم قتالاً لاتبعناكم، وبسبب رجوعه اختلفت كلمة طائفتين من قومه وهما بنو حارثة وبنو سلمة حيث قالت إحداهما نقاتل ابن ابي ومن رجع معه، وقالت الأخرى نؤجل تصفية حسابه إلى ما بعد الحرب فأنزل الله فيهم (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله) (1).
ومن غير المستبعد أن يكون فعل ذلك تآمراً مع أبي عامر الفاسق ومع حلفائه من يهود ورأى أن أفضل ما يفعله هو العمل على إحداث ربكة في الجيش بعد أن يوشك المسلمون على أن يلقوا العدو، وبات النبي صلى الله عليه وسلم ثم
__________
(1) سورة النساء، الآية: 88.

الصفحة 186