كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
188
عبيد الله، وثبتت نسيبة رضي الله عنها، وأول من عرفه صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك فنادى في المهاجرين والأنصار وأسمع الله صوته لمن وصل المدينة من الصحابة، فعادوا إليه ونهض إلى الشعب وحال الليل بين الطائفتين.
وفي طريقه إلى الشعب جاء أبي بن خلف لعنه الله وقال أين محمد لا نجوت إن نجا. فقال صلى الله عليه وسلم خلوا عنه فسدد أبي سهمه فأصابه في عنقه على عرق خدشه وانعقد فيه الدم فعاد عدو الله يخور كالثور فلقيه المشركون وقالوا لا بأس عليك إن أحدنا يكون به أعظم مما بك فقال لو قسم ما بي من الألم على أهل الدنيا لكفاهم فأنا هالك لأنني في مكة مر علي محمد أضمر فرسي هذا فقلت له: يا محمد أضمر فرسي هذا لأقتلك عليه فقال لي بل أنا أقتلك عليه فوالله لو بصق علي لهلكت لأن محمداً لا يكذب (1).
وبعد أن اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعب صعد أبو سفيان على القمة المطلة عليه من الغرب وقال أفي القوم محمد فقال صلى الله عليه وسلم لا تردوا عليه ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة فلم يتمالك عمر نفسه وقال له إن رسول الله وابن أبي قحافة يسمعان كلامك. فقال يا أبا حفص لأنت أصدق عندي من ابن قمثة، ثم قال أبو سفيان ستجدون مثلة في قتلاكم فما أمرت بها ولا نهيت ثم قال: اعل هبل. فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا: الله أعلى وأجل، فقال لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم، ثم قال أنزلوا هذا الكافر فلا ينبغي لكافر أن يعلو على مسلم فقام عمر يطارده
__________
(1) عيون الأثر، ص 23.