كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

205
أيضاً ذكر أن بطحان اتخذ الخندق مجى لمائه وهذا بالنسبة لخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع عند ملتقى الخندق مع وادي بطحان شرقي جبل أبي عبيد وغربي تقاطع طريق المساجد مع طريق سلطانة شمالي مدرسة حسان بن ثابت في عصرنا الحاضر، إذاً فالخندق بدأ من طرف حرة بني حارثة من أجمة الشيخين وحتى ثنية حرة بني سلمة بين القبلتين وبين مساجد الفتح، وقد عسكر النبي صلى الله عليه وسلم في الأيام الأولى من أيام حفر الخندق على جبل الراية شمالي ثنية الوداع الشمالية وبعد نهايته عسكر في الشعب الغربي من جبل سلع حيث مسجد الفسح والمساجد من حوله.
وهذه الجهة الشمالية هي التي قال المنافقون من ساكنيها ما ذكر الله عنهم: (إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً) (1) ومعنى عورة أنها معرضة لغارات العدو ومكشوفة ولكن الله كذبهم وقال إنها ليست بعورة بل هي محصنة بما حصنت به أحياء المدينة الأخرى، وقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من يهود بني قريظة الفؤوس والمعاول ولعل ذلك قبل أن يقنعهم حيي بن أخطب اليهودي النضيري الحاقد بنقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أن قاوم زعيمهم كعب بن أسد القرظي.
وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق بيده الشريفة حتى إذا أعياه الحفر استراح ثم قام فقال له الصحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله نحن نكفيك فقال لهم: "أريد مشاركتكم في الأجر".
__________
(1) الأحزاب: الآية 13.

الصفحة 205