كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

206
ولما اعترضت صخرة للعشرة الذين فيهم سلمان رضي الله عنهم شمالي جبل الراية صعد سلمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قبته فوق الجبل وأخبره بأمر الصخرة فنزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ثم أخذ المعول بيده وضرب الصخرة فتطاير منها شرر كالبرق أضاء الأفق فقال النبي ص: " الله أكبر أضاءت لي قصور الحيرة ومدائن كسرى وسوف تفتح على أمتي، ثم ضربها الثانية فطار شرر فقال الله أكبر اضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم وسوف تفتح على أمتي، ثم ضربها الثالثة فطار شرر كالبرق أضاء الأفق فقال: الله أكبر أضاءت لي قصور صنعاء وكأنها أنياب الكلاب وسوف تفتح على أمتي، ففرح المسلمون واستبشروا " أما المنافقون فإنهم قالوا حين اشتد الحصار ((ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) (1) وعدنا محمد كنوز كسرى وقيصر وإن أحدنا يخاف المخترى، فأنزل الله قوله تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .. ) (2).
أما الصخرة فإنها صارت كالكثيب المهيل بعد ضربة النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة. وكان من أهم أسباب غزوة الأحزاب تحريض يهود بني النضير بزعامة حيي بن أخطب للمشركين من أهل مكة ووعدهم بانضمام اليهود وأحلافهم من المنافقين إليهم ثم ذهب إلى غطفان وأعطاهم نصف تمر خيبر في السنة فوافقوا على الإنضمام إلى الأحزاب، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصرفهم بإعطائهم ثلث تمر المدينة فوافقوا فاستشار السعدين زعيمي الأنصار فقالا يا رسول الله إن
__________
(1) الأحزاب الآية 12
(2) آل عمران الآية 26

الصفحة 206