كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
210
عمرين يا رسول الله، فخرج علي إلى عدو الله وحينئذ اجتهد الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعاء وقال: (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين)، وذلك لأن عمه حمزة رضي الله عنه استشهد في أحد قبل سنة وابن عمه عبيدة بن الحارث بن المطلب استشهد قبله بسنة في غزوة بدر ولم يبق معه صلى الله عليه وسلم من أهل بيته البالغين إلا علي رضي الله عنه فلما وصل علي رضي الله عنه إلى عمرو عدو الله لم يعرفه من شدة ما هو مدجج في سلاحه فقال له عمرو من أنت قال أنا علي بن أبي طالب فقال عمرو: نعم الكفء ولكن لوالدك عليً نعمة مات قبل أن أكافئها فلا أحب أن أقتل ابنه فقال له عليٌ: أما أنا فأحب قتلك يا عدو الله فعند ذلك غضب عدو الله فقال له علي: يا عمرو بلغني أنه لا يدعوك أحد من العرب إلى أمرين إلا اخترت أحدهما قال عمرو بلى فقال علي فإني أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فقال عمرو أما هذه فلا حاجة لي فيها، فقال له علي إذاً أدعوك إلى المبارزة فقال عمرو أما هذه فنعم فقال له علي كيف وأنت على صهوة جوادك فنزل عمرو عن جواده وقطع سوقه والتحم الرجلان في المبارزة حتى اختفيا في الغبار فضرب عدو الله علياً على المغفر فدخل فيه السيف ولم يصل إلى رأس عليٍ وقبل أن يرفع السيف عاجله عليٌ بضربة شطرته نصفين فكبر عليٌ فسمعه المسلمون فكبروا معه لنصر الله علياً على عدوه.
وأحب أن أنبه على دعوة علي رضي الله عنه خصمه إلى الإسلام قبل أن يبارزه لأن القصد من الجهاد في سبيل الله هو حمل عباد الله على عبادة الله ربهم