كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

211
وخالقهم لا من أجل الانتقام ولا من أجل الاستبعاد أو السلب أو النهب بل لتكون كلمة الله هي العليا فمن أقر بشهادة الإسلام فقد حرم ماله ودمه وعرضه، وكانت هذه المبارزة غربي مسجد الفتح على بعد رميتين بسهم تقريباً لأن المسلمين تمكنوا من سماع نداء عمرو وسمعوا ما تبجح به، وكانت المنطقة التي قفز منها نوفل وعمرو بين جبل راتج وجبل سلع وهي منطقة سهلة في ناحيتها الغربية طرف الحرة، وظل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويطلب منه النصر يوم الإثنين والثلاثاء وفي يوم الأربعاء بين الظهر والعصر استجاب الله دعاءه، وفي ليلة الخميس أرسل الله ريح الصبا والملائكة فألقى الملائكة الرعب في قلوب المشركين وملأت الريح عيونهم تراباً وعيون دوابهم وأكفأت قدروهم ودب فيهم الوهن واليأس والخوف فعندئذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم من يأت بالخبر منهم يكن رفيقي في الجنة ويأمن من شرهم. فلم يقم إليه أحد من شدة الذعر والبرد ولكن عندما عين أحداً استجاب بدون تردد. وهذا ما وقع عندما مر صلى الله عليه وسلم في الجيش وإذا برجل يتململ في مرط امرأة إذا غطى رأسه بدت رجلاه فقال: حذيفة بن اليمان فقال لبيك يا رسول الله ونهض وهو يرتعد من البرد فضرب بيده على صدره فثبت وزال عنه البرد فلم يشعر بعد ذلك بحر ولا ببرد، فكان يلبس لباس الصيف في الشتاء، ثم قال له اذهب وائتنا بخبر القوم ولا تحدث شيئاً فذهب حذيفة بن اليمان حتى دخل بين صفوف المشركين في بئر رومة، وإذا بأبي سفيان يقول لقومه إنكم ترون ما نحن فيه فو الله لئن أصبحنا على هذه الحال لذبحنا أصحاب محمد كما تذبح

الصفحة 211