كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
212
الخراف فلينظر كل واحد منكم من بيمينه ويساره فقال حذيفة لمن عن يمينه من أنت فقال له فلان بن فلان وقال لمن عن يساره من أنت فقال فلان بن فلان فلهذا لم يسألوا ثم قال أبو سفيان ألا فارحلوا فإني راحل وركب راحلته بعقالها فقال حذيفة لاولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصاني الا أحدث شيئاً لما كلفني قتل أبي سفيان شيئاً ثم ارتحل المشركون وعاد حذيفة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لن تغزوكم قريش بعد اليوم والغزو لكم، وبعد أن انسحب المشركون قال سعد بن معاذ الذي سبق أن قلنا إنه أصيب في أكحله: اللهم إن كنت أردت أمراً ببني قريظة فأبقني حتى أشهده ثم اجعلها لي شهادة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منصوراً نصب خيمة في المسجد لتمريض سعد بن معاذ رضي الله عنه، وبعد الظهيرة جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له إن الملائكة لم تضع سلاحها وإني سابقك إلى بني قريظة فأزلزل بهم حصونهم فعند ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة " وخرج عليه الصلاة والسلام وخرج المسلمون إلى بني قريظة فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فمنهم من صلاها وقال إنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي الحث على الإسراع في الخروج وقد خرجنا، وبعض آخر لم يصل العصر حتى وصل بني قريظة بعد العشاء ولم يعب الرسول صلى الله عليه وسلم على هؤلاء ولا على هؤلاء إذ قد ائتمر الجميع بأمره، وكان هذا الاجتهاد معدوداً في بوادر الاجتهاد الفقهي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولما طال الحصار على يهود بني قريظة وملأ الرعب قلوبهم وجهلوا