كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

214
وعدم خوفها حتى قالت هي بنفسها نعم أنا التي ينادى عليها للقتل ثم قتلت قصاصاً. وبعد قتل يهود قريظة عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله في الظهيرة فجاءه جبريل وقال له: " من الذي اهتز عرش الله لموته الآن " فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فزعاً وقصد خيمة سعد التي يعالج فيها في داخل المسجد ففاجأه الدم خارج الخيمة فعلم أنه توفي شهيداً وأن الله استجاب له دعوته ومع عظم جسمه وطوله خف نعشه على من حملوه لأن الملائكة كانوا يشاركون في حمله فرضي الله عن وعن جميع أصحاب رسول الله أجمعين.
عوامل أوهت قوى المشركين وفتت جمعهم:
لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده وعد صادق من ربه بالنصر، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يعمل بالأسباب ويأخذ التدابير اللازمة للحرب وخدعها، ظهر في غزوة الأحزاب هذه، ومن هذه التدابير والأسباب التي فاجأ بها المشركين:
1 - حفر الخندق وهو مكيدة حربية ما كان العرب يعرفونها، وقد حفره بإشارة من سلمان الفارسي رضي الله عنه حيث قال له: " كنا إذا خفنا خندقنا " أي في بلاد فارس فهي إذا خطة كان يعمل بها المشركون فاستفاد منها المسلمون، وقد استدل بذلك الفقهاء على جواز الاستفادة في أمور الدنيا مما عند الكفار كما وقع هنا وكمااستفاد صلى الله عليه وسلم من خبرة كافر في رحلة الهجرة الغراء، وكما استعار السلاح من يهود بني قريظة قبل أن ينقضوا العهد، ولما رأى المشركون الخندق يوماً بعد يوم شعروا باليأس

الصفحة 214