كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
222
الجرف
لقد قدمت الكلام على الجرف على الكلام على العقيق الذي هو أقرب لأن الكلام على العقيق أطول ويتصل بالكلام على الحرة الغربية والجماوات فذلك أخرت الكلام على العقيق وقدمت عليه الكلام على الجرف.
الجرف بضم الجيم وسكون الراء موضع به قرية إلى الشمال الغربي من المدينة المنورة على نحو ثلاثة أميال، وقد قامت أمانة المدينة ببناء منتزه كبير في مدخل قرية الجرف وصار متنفساً لأهل المدينة يخرجون إليه عشياً وحين يمسون، ومنطقة الجرف من أول مناطق المدينة سكنى حيث سكنه أولاً صعل ثم فالج الذين غزاهم نبي الله داود عليه السلام وسبى منهم مائة ألف عذراء ثم سلط الله عليهم دوداً في أعناقهم فأهلكهم الله فقبورهم تملأ ما بين حرة زهرة ووادي رانوناء، ويقال إنه بقيت منهم امرأة عجوز فاكترت من رجل من غيرهم راحلة لتخرج عليها فلما ركبت رأى الرجل دوداً يتناثر منها فأخبرها به فقالت بذلك أهلك قومي وأنا هالكة ثم قالت: " رب جسد مصون ومال مدفون، بين زهرة ورانون " وزهرة جزء من الحرة الشرقية، ورانون هو وادي رانوناء الذي يصب في بطحان في منطقة المنحنى، ويكلماتها هذه بينت أين يسكن قومها، وكان بالجرف أموال لعمر رضي الله عنه، وبه آبار منها: " بئر جسم - بئر جمل "، وسمي بالجرف لأن تبعاً ملك اليمن لما مر عليه قال: هذا جرف الأرض. وكان يسمى قبل ذلك بالعرض بكسر العين وفيه يقول كعب بن مالك: