كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
29…
فتحت الكوة على عائشة وقالت لها أبشري فقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مارية فأظهره الله على ذلك.
وقيل إن سبب نزول الآية تحريم النبي صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه.
فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف ببيوته كلها في كل يوم وأن أم المؤمنين زينب بنت جحش كانت تحرص على ما يسره، فكانت تصنع له شربة عسل لأنه كان يحب العسل فإذا مر بها سقته عسلاً فغارت منها حفصة وعائشة فاتفقتا على ما يجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترك شرب العسل عند زينب وقالت كل واحدة للأخرى: إذا جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له إني أجد فيك ريح مغافير (والمغافير شيء كريه الرائحة) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الرائحة الكريهة فلما جاء إلى عائشة بعد أن شرب العسل عند زينب قالت: إني اشم فيك رائحة مغافير يا رسول الله فقال: (إنما شربت عسلاً عند زينب) فلما ذهب إلى حفصة قالت أيضاً: يا رسول الله أشم فيك رائحة مغافير فقال ص: (إنما شربت عسلاً عند زينب) ثم قال: إني حرمت العسل على نفسي واستكتم حفصة ذلك فما إن خرج من عندها حتى أخبرت عائشة بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: (يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) (1) الآيات - وقد أوردت الحديث بالمعنى - فجعل الله كفارة من حرم على نفسه شيئاً أحله الله أن يكفر كفارة يمين.
…
__________
(1) سورة التحريم.